هل التصفيات الصيفية في سوريا حقيقية؟
في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة في سوريا، ينتظر كثير من المواطنين موسم التصفيات الصيفية، أو ما يُعرف بـ”تنزيلات نهاية الموسم”، على أمل الحصول على الملابس والسلع بأسعار منخفضة. لكن الواقع يقول شيئًا آخر؛ فالخصومات المعلنة في واجهات المحلات لا تعكس غالبًا تخفيضًا حقيقيًا للأسعار، ولا تُخفف من عبء الغلاء المعيشي على المواطنين.
تخفيضات موسمية شكلية لا تغيّر الواقع:
ورغم لافتات تعلن عن تخفيضات تصل إلى 50%، إلا أن المستهلك السوري يواجه أسعارًا مرتفعة حتى بعد الحسم. ويرجع ذلك إلى قيام العديد من التجار برفع الأسعار قبل موسم التصفيات، ثم الإعلان عن تنزيلات وهمية، ما يُفقد هذه التخفيضات جدواها الفعلية، خاصة مع تراجع القدرة الشرائية لدى المواطن.
ارتفاع الأسعار وتضخم الإيجارات يضغطان على السوق:
يشير خبراء اقتصاديون إلى أن ارتفاع إيجارات المحلات التجارية في سوريا ساهم بشكل كبير في زيادة الأسعار، حيث حمّل التجار جزءًا من تلك التكاليف للمستهلك. وبحسب تصريحات نائب رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها السابق، لؤي نحلاوي، فإن بعض الإيجارات في دمشق فاقت نظيراتها في مدن مثل باريس ودبي.
رواتب لا تكفي.. ومبيعات تتراجع:
مع وصول متوسط الرواتب في سوريا بعد الزيادة الأخيرة إلى نحو 400,000 ليرة سورية فقط (ما يعادل 25-27 دولارًا)، فإن ذلك لا يغطي إلا الحد الأدنى من احتياجات المعيشة. وقد أشار النائب السابق لغرفة تجارة دمشق، محمد الحلاق، إلى أن تراجع حجم المبيعات وزيادة النفقات الثابتة للتجار جعلت التخفيضات غير مؤثرة فعليًا.
غياب الرقابة على التخفيضات:
رغم وجود قرار تنظيمي سابق (القرار رقم 1135) يحدد شروط وضوابط موسم التنزيلات الصيفية في سوريا، فإن ضعف الرقابة الحكومية وانتشار المخالفات جعلت تلك القوانين بلا أثر حقيقي، ما فتح الباب أمام جشع بعض التجار في غياب حماية فعالة للمستهلك.
الحلول تبدأ بتحسين الدخل:
يرى خبراء أن تحسين القدرة الشرائية للمواطن هو المدخل الوحيد لتنشيط السوق وتحقيق التوازن بين التاجر والمستهلك. ويستلزم ذلك رفع الرواتب بشكل حقيقي، وتحفيز الإنفاق المحلي، وتقليل التكاليف على التجار، لا سيما في ما يخص الإيجارات والطاقة.
ورغم الزيادة التي أقرتها الحكومة السورية في الرواتب بنسبة 200% في أغسطس/آب 2025، إلا أن هذه الخطوة، دون خطة شاملة لضبط التضخم، قد تُفاقم الأزمة بدلاً من حلها.
خلاصة:
التصفيات الصيفية في سوريا باتت عنوانًا كبيرًا لتخفيضات شكلية لا تُغيّر من واقع السوق المتأزم، ومع ضعف القوة الشرائية، يغيب المستفيد الحقيقي، ويبقى المواطن والتاجر في دوامة اقتصادية تتطلب حلولًا أعمق من مجرد تخفيضات موسمية.
إقرأ أيضاً: ارتفاع تكاليف المعيشة يغيّر ملامح الأعراس ومراسم العزاء في سوريا
إقرأ أيضاً: اللحم رفاهية في إدلب: ارتفاع قياسي للأسعار يهدد الأمن الغذائي وسط أزمة جفاف وتصدير