توتر متصاعد بين المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي بعد حرق مكتب عامودا
عاد التوتر السياسي بين المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا إلى الواجهة من جديد، بعد أن شهدت بلدة عامودا في ريف الحسكة حادثة إحراق مكتب تابع للمجلس الوطني، وسط تبادل اتهامات وتصاعد الخلافات بين الطرفين، رغم محاولات سابقة لرأب الصدع عبر مؤتمر “وحدة الصف الكردي”.
المجلس الوطني الكردي يتهم الاتحاد الديمقراطي بالاعتداء:
أصدر المجلس الوطني الكردي بياناً قال فيه إن الحريق الذي طال مكتبه في عامودا “يشبه حوادث سابقة استهدفت مقراته وأحزابه”، واتهم مجموعات مسلحة مرتبطة بحزب الاتحاد الديمقراطي بتنفيذ الهجوم، معتبراً أن هذه الأفعال تهدف إلى:
1- زرع الفتنة داخل الشارع الكردي
2- إفشال جهود وحدة الصف الكردي
3- زعزعة الاستقرار في شمال شرق سوريا
وطالب المجلس بإجراء تحقيق شفاف وعاجل لكشف الجناة وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات.
الاتحاد الديمقراطي يرفض الاتهامات: جهات خارجية خلف الهجوم:
من جانبه، نفى ممثلو حزب الاتحاد الديمقراطي وقسد تورطهم في الحادث. وقال رزكار قاسم، ممثل “مجلس سوريا الديمقراطية” في ألمانيا، إن هذه الاتهامات تفتقر للأدلة، مشيراً إلى أن: “هناك جهات لا تريد نجاح مؤتمر وحدة الصف الكردي، مثل تركيا وبعض الأطراف في السلطة الانتقالية، تسعى لزعزعة الأمن”.
بدوره، قال طلال محمد، رئيس حزب السلام المنضوي في الإدارة الذاتية، إن المجلس الوطني “تسرّع في إصدار البيان”، معتبراً أن الحادثة “بسيطة” ولا تستحق التصعيد السياسي والإعلامي.
تاريخ من الخلافات بين الطرفين:
يُعد الخلاف بين المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي من أبرز مظاهر الانقسام السياسي الكردي في سوريا، وتعود جذوره إلى ما قبل سقوط نظام بشار الأسد.
فقد شهدت السنوات الماضية صراعاً على النفوذ والتمثيل السياسي، خاصة بعد سيطرة قسد على مناطق واسعة من شمال شرق سوريا.
كما تتهم قسد بأنها تسعى لتهميش المجلس الكردي ومنعه من المشاركة في المفاوضات مع دمشق أو القوى الدولية، محاولة الانفراد بملف الأكراد في سوريا.
مؤتمر “وحدة الصف الكردي”.. محاولة فاشلة؟
في أبريل/نيسان الماضي، تم عقد مؤتمر “وحدة الصف الكردي”، الذي خرج بوثيقة سياسية موحدة بين الطرفين، تضمنت مطالب رئيسية أبرزها:
1- إقرار نظام لا مركزي في سوريا
2- ضمان حقوق الأكراد في الدستور
3- تشكيل وفد كردي مشترك للتفاوض مع دمشق
لكن الحادث الأخير في عامودا يعيد هذه التفاهمات إلى نقطة الصفر، وسط اتهامات متبادلة وغياب الثقة.
خلافات حول الرؤية السياسية والتمثيل الجغرافي:
يرى مراقبون أن الخلاف بين الجانبين ليس فقط حول الحوادث الأمنية، بل يمتد إلى الرؤية الاستراتيجية.
فـ المجلس الوطني الكردي يركز على المناطق ذات الغالبية الكردية، بينما تسعى قسد لربط المناطق الكردية بالمناطق العربية التي تسيطر عليها في الرقة، دير الزور والحسكة، وترفض تقاسم القرار السياسي.
خبراء: الانقسام الكردي يخدم أطرافاً إقليمية:
يرى الباحث السياسي المقرب من “الإدارة الذاتية”، إبراهيم مسلم، أن الخلافات بين الطرفين ناتجة عن عقلية السيطرة وحب القيادة، مشيراً إلى أن: “بعض الشخصيات من الجانبين لا تريد وحدة الموقف الكردي، وتسعى لاستغلال الحادث الأخير لخلق شرخ سياسي جديد”.
وأكد أن دعوة المجلس الوطني إلى دمشق من قبل السلطة الانتقالية دون إشراك وفد مؤتمر “وحدة الصف” ساهم في تأجيج الخلاف.
التفاهم الكردي في سوريا على المحك من جديد:
رغم جهود التوحيد بين المكونات السياسية الكردية في شمال شرق سوريا، يبقى الانقسام العميق بين المجلس الوطني الكردي والاتحاد الديمقراطي عائقاً أساسياً أمام تمثيل كردي موحد، سواء في الداخل السوري أو في المحافل الدولية.
وما لم يتم تجاوز الخلافات الحزبية والتجاذبات الإقليمية، ستبقى ورقة الأكراد في سوريا عرضة للتجاذب، مما يضعف دورهم السياسي في المرحلة الانتقالية المقبلة.
إقرأ أيضاً: تصعيد جديد.. مجهولون يحرقون مقر الوطني الكردي في عامودا
إقرأ أيضاً: مجلس سوريا الديمقراطية: انتخابات مجلس الشعب السوري غير شرعية ولا تمثل المجتمع