لماذا يعتصم طلاب سوريون أمام السفارة التركية في دمشق؟
تتكرر المراجعات أمام السفارة التركية في دمشق لطلاب سوريين عائدين من تركيا، مثل والدة الطالبة مروة، التي تأتي يومياً محملة بملف ابنتها المدرسي في محاولة لتصديق شهادتها الثانوية الصادرة من تركيا. كل زيارة تنتهي بخيبة أمل جديدة، في ظل اقتراب مواعيد المفاضلات الجامعية وخطر فقدان الفرص الأكاديمية.
وقالت والدة مروة لموقع “تلفزيون سوريا”: “كنت أراجع السفارة باستمرار، ولم يكن عامل الوقت مهماً، لكن الآن المفاضلات الجامعية على الأبواب، ومستقبل ابنتي في خطر إن لم نتمكن من التصديق”.
ليست حالة مروة فريدة، إذ يعاني آلاف الطلاب السوريين الذين درسوا في تركيا من بيروقراطية تعقد مسار تسجيلهم في الجامعات السورية. فعلى سبيل المثال، أنفق حسام من بلدة الحفة بريف اللاذقية أكثر من ثلاثة ملايين ليرة سورية على إقامته في دمشق، إلا أن أوراقه ما تزال تنتظر ختم السفارة. كذلك وصلت صبا وشقيقها من دير الزور قبل أكثر من خمسة عشر يوماً، ويقومان بمراجعة السفارة يومياً بلا جدوى.
الإجراءات الرسمية وتعقيد التصديق
لكي يتمكن الطالب الحاصل على شهادة ثانوية من تركيا من التسجيل في الجامعات السورية، يجب أن تصدّق شهادته من عدة جهات، بدءاً من مديرية التربية التركية ووالي المنطقة ووزارة الخارجية التركية، وصولاً إلى القنصلية السورية في تركيا. إلا أن القنصلية في إسطنبول أوقفت التصديق عبر البريد أو الوسطاء، واشترطت الحضور الشخصي، فيما منعت إدارة الهجرة التركية منح أذونات السفر للسوريين الخاضعين للحماية المؤقتة بين الولايات، ما جعل الوصول إلى إسطنبول شبه مستحيل.
كحل بديل، سُمح للطلاب بتصديق وثائقهم من السفارة التركية في دمشق بعد العودة إلى سوريا. صبا، القادمة من مرسين، قالت: “لم أتمكن من استخراج إذن سفر إلى إسطنبول، نصحني أصحاب مكاتب الخدمات الطلابية بالعودة إلى سوريا وتصديق الأوراق هنا، ولم أتخيل أن السفارة التركية ستتعامل معنا بكل هذا الاستهانة”.
الاحتجاج والاعتصام أمام السفارة
مع تزايد أعداد المراجعين، تحولت الوقوف أمام السفارة إلى اعتصام جلس فيه الأهالي والطلاب على الأرض، معلنين أنهم لن يغادروا حتى يتم استلام وتصديق جميع أوراقهم. وقال والد أحد الطلاب القادمين من حمص: “لن أتحرك من هنا حتى يتم تصديق أوراق ابني، لم يعد بإمكانهم تهديدنا بالترحيل، أنا الآن في وطني”.
وبعد ضغط المحتجين، بدأت السفارة أخيراً استلام بعض الطلبات، إلا أن موظفيها أقروا بأن العدد المخصص يومياً قليل بسبب نقص الكوادر والضغط الكبير، مع وعود بدراسة آليات لتسريع العمل دون حلول فورية.
تدخل وزارة الخارجية السورية
تحركت وزارة الخارجية والمغتربين السورية بعد تلقي شكاوى الطلاب، وأفاد مصدر مسؤول لموقع “تلفزيون سوريا” بأن الوزارة تواصلت مع السفارة التركية لمناقشة الأزمة، مؤكداً أن الجانب التركي وعد بدراسة المقترحات والعمل على إيجاد حلول سريعة، بما يشمل زيادة عدد المواعيد اليومية وفتح القسم القنصلي طوال أيام الأسبوع لتلبية الطلب المتزايد.
يبقى آلاف الطلاب السوريين العائدين من تركيا في مواجهة جدران بيروقراطية تهدد مستقبلهم الأكاديمي، في وقت يعكس هذا المشهد تحديات إنسانية عميقة لجيل من الشباب الذين بعد تجربة اللجوء والدراسة في الخارج، يعودون إلى وطنهم ليصطدموا بإجراءات رسمية معقدة تعيق طموحاتهم وأحلامهم التعليمية.