ارتفاع أسعار المواد الغذائية في حلب يزيد معاناة محدودي الدخل
تشهد أسواق مدينة حلب منذ أشهر حالة من التذبذب الواضح في الأسعار، مع ارتفاع مستمر في المواد الغذائية الأساسية والسلع الاستهلاكية، ما يزيد الضغوط على الأسر الفقيرة ومحدودة الدخل. ويعزو السكان ذلك إلى غياب حلول ملموسة من الجهات المسؤولة، وانخفاض القدرة الشرائية، ما يجعل تأمين الاحتياجات الأساسية تحدياً يومياً.
محمد السعيد، موظف حكومي وأب لخمسة أطفال، وصف الوضع قائلاً: “لم نعد قادرين على شراء كل ما نحتاجه، نكتفي بالضروريات مثل الخبز والزيت والسكر. أما اللحوم والفواكه، فأصبحت خارج حساباتنا منذ أشهر طويلة”. وأضاف أن راتبه الشهري يكاد يغطي إيجار المنزل وفواتير الكهرباء والماء، وما يتبقى بالكاد يوزع على الطعام، ما يضطره للاكتفاء بوجبات بسيطة مثل العدس أو البطاطا المسلوقة، وحتى الدجاج أصبح خارج متناول العائلة بعد ارتفاع أسعاره.
وأشار السعيد إلى التأثير النفسي للوضع على أسرته، قائلاً: “أطفالي يسألونني لماذا لا نأكل مثل باقي الناس، أحاول أن أشرح لهم أن الأولوية للضروريات، لكن داخلياً أشعر بمرارة كبيرة”. وأضاف: “نعيش في دوامة مستمرة، كل يوم نحسب ونقارن ونتنازل عن أصناف من المشتريات، لم يعد الأمر يقتصر على الغلاء فقط، بل أصبح إحساساً دائماً بالضغط النفسي”.
من جانبها، رأت مريم عبدو، ربة منزل من حي صلاح الدين، أن الأسعار غير مستقرة، مشيرة إلى تفاوتها بين محل وآخر: “قد أجد سعر كيلو الرز بـ20 ألف ليرة في محل، بينما يبيعه محل آخر بـ23 أو 24 ألفاً، والفارق يصبح كبيراً عند شراء كميات متعددة، ما يضطرني للتنقل بين الأسواق للعثور على الأرخص”. وأضافت أن السوق يفتقر إلى معايير واضحة للرقابة، ما يجعل الأسعار متقلبة بلا ضوابط.
ويعزو أحمد درويش، صاحب محل بقالة في سوق باب النيرب، أسباب تذبذب الأسعار إلى ارتفاع تكاليف النقل والإيجارات وأسعار المحروقات، إضافة إلى تأخر وصول البضائع أحياناً من المحافظات الأخرى. وقال: “نحن كالتجار الصغار نعيش ضغطاً مستمراً بين مطالب الزبائن وتكاليف السوق، وفي النهاية، لا أحد يشعر بالراحة، لا البائع ولا المشتري”.
ويرى الخبير الاقتصادي سامر خطيب أن الأزمة مرشحة للاستمرار ما لم تتخذ إجراءات فعلية للحد من ارتفاع الأسعار، مؤكداً أن اعتماد الأسواق على البضائع المستوردة يجعلها رهينة لتقلبات سعر الصرف. وأوضح أن الحل يتطلب حزمة من السياسات تشمل دعم الإنتاج المحلي، تنشيط الزراعة والصناعات الغذائية، توفير خطوط نقل آمنة ومنخفضة التكلفة، إلى جانب رقابة صارمة على التجار الكبار للحد من الاحتكار. وحذر من أن استمرار الوضع الحالي سيزيد الفجوة بين الدخل والإنفاق، ويدفع المزيد من الأسر إلى ما دون خط الفقر.
اقرأ أيضاً:أسواق دمشق تشتعل: موجة غلاء جديدة وسط تقلبات الدولار