تحقيق: تمدد عسكري إسرائيلي جديد في سوريا يثير قلقاً دولياً
تُواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي توسيع نطاق وجودها العسكري داخل الأراضي السورية، وفقاً لتحقيق جديد نشرته “بي بي سي” باستخدام صور الأقمار الصناعية ومقاطع الفيديو الميدانية.
هذا التوسع يشمل بناء طريق وحواجز وقواعد عسكرية جديدة في مناطق استراتيجية، مما يثير تساؤلات حول انتهاك اتفاقيات وقف إطلاق النار وتداعيات ذلك على السكان المحليين.
طريق سوفا 53: حاجز دفاعي أم توسع استراتيجي؟
كشف تحقيق “بي بي سي” أن إسرائيل تواصل بناء طريق يُعرف باسم “سوفا 53″، الذي يخترق المنطقة العازلة منزوعة السلاح جنوب سوريا. بدأ العمل على هذا الطريق عام 2022، وهو عبارة عن ساتر ترابي يبلغ ارتفاعه وعرضه نحو خمسة أمتار، ويمتد بين المواقع العسكرية الإسرائيلية.
يرى جيش الاحتلال الإسرائيلي أن هذا الحاجز “لأغراض دفاعية” لمنع أي محاولات لاقتحام أراضيه وحماية سكان مرتفعات الجولان، مشيراً إلى أن بناءه جزء من “مفهوم الدفاع في المنطقة السورية”.
من جانبه، يرى الخبير العسكري ستيوارت راي أن المشروع قد يكون جزءاً من تعزيز الحاجز الأمني على طول خط ألفا، ويمنح القوات الإسرائيلية حماية إضافية من أي هجوم قد يأتي من الشرق.
لكن المحلل الاستراتيجي منصور طرشان له رأي آخر، إذ يرى أن ما يجري هو “فرض أمر واقع جديد على الأرض”، وخطوة احترازية لـ “قضم المزيد من المناطق السورية”، ومنع دخول الآليات العسكرية السورية مستقبلاً.
تداعيات إنسانية وبيئية
لم يقتصر تأثير هذا التمدد العسكري على الجانب الاستراتيجي فحسب، بل امتد ليطال حياة المدنيين والبيئة في المنطقة.
فوفقاً للمهندس أحمد ذيب من وزارة الزراعة في القنيطرة، تم تجريف مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والغابات لصالح بناء طريق سوفا 53 والقواعد العسكرية الجديدة.
وتشمل الخسائر البيئية إزالة مساحات شاسعة من أشجار الصنوبر والسنديان المعمرة. بالإضافة إلى ذلك، أصبحت نحو ستة آلاف هكتار من الأراضي مناطق محظورة، مما حرم المزارعين والرعاة من مصادر رزقهم.
ولم تسلم المنازل أيضاً من التوسع العسكري، ففي يونيو 2025، هدم الجيش الإسرائيلي حياً سكنياً مكوناً من 15 منزلاً في قرية الحميدية لتأمين محيط قاعدة عسكرية جديدة.
وقد وصف أحد المتضررين، محمد سليمان العلي، كيف تحوّل منزله “العامر بالحياة” إلى “أرض جرداء” بعد أن أصبح من المستحيل الوصول إليه. ورداً على ذلك، صرح الجيش الإسرائيلي أنه يعمل “وفقاً للقانون الدولي” ويهدف إلى “ضمان أمن مواطني دولة إسرائيل، مع تقديم المساعدة والاهتمام بالسكان المحليين”.
انتهاك لاتفاقية فض الاشتباك؟
كانت الأمم المتحدة قد أدانت هذه الإنشاءات في نوفمبر الماضي، معتبرة إياها “انتهاكاً صارخاً” لاتفاقية وقف إطلاق النار الموقعة عام 1974. وتشير التقارير إلى أن إسرائيل أنشأت قواعد عسكرية جديدة في عدة مواقع استراتيجية، مثل: قاعدة قرص النفل، وقاعدة الحميدية، وقاعدة العدنانية، بالإضافة إلى نقاط مراقبة في جبل الشيخ وتل أحمر.
ويعتقد المحلل السياسي زكريا ملاحفجي أن إسرائيل سيطرت على مساحات استراتيجية في ريف دمشق والقنيطرة، مشيراً إلى أنها “لن تعيد هذه الأراضي الاستراتيجية”.
وفي تطور لافت، أفادت وكالة الأنباء السورية أن القوات الإسرائيلية توغلت مؤخراً مسافة 38 كيلومتراً في بلدة صيصون بريف درعا وسيطرت على قاعدة عسكرية هناك.
اقرأ أيضاً:منطقة منزوعة السلاح وممر جوي باتجاه إيران.. سوريا وإسرائيل على أعتاب اتفاق أمني
اقرأ أيضاً:إنزال إسرائيلي على بعد كيلومترات من دمشق وتوغلات جنوبية متزامنة