منظمات حقوقية: تحقيق الحكومة السورية في أحداث الساحل يفتقر للشفافية

انتقدت ثلاث منظمات حقوقية، التحقيق الذي أجرته الحكومة السورية في أعمال العنف التي شهدتها ثلاث محافظات سورية في مارس/آذار الماضي، معتبرة أن نتائجه افتقرت إلى الشفافية ولم تُجب عن تساؤلات أساسية تتعلق بمسؤولية كبار القادة العسكريين والمدنيين، أو الخطوات المفترضة لمحاسبتهم.

وجاء ذلك في تقرير مشترك أصدرته “هيومن رايتس ووتش” و”سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” و”الأرشيف السوري”، بعنوان: “أنت علوي؟.. الاستهداف القائم على الهوية خلال المرحلة الانتقالية في سوريا”. التقرير وثّق، وفق المنظمات، انتهاكات واسعة ارتكبتها القوات الحكومية وجماعات مسلحة موالية لها، إضافة إلى متطوعين مسلحين، تضمنت إعدامات تعسفية، وتدمير ممتلكات، وإساءة معاملة محتجزين.

وقالت “هيومن رايتس ووتش” إن النتائج أظهرت أن هذه الجرائم وقعت ضمن عملية عسكرية منسقة مركزياً بإشراف وزارة الدفاع، التي واصلت تنسيق نشر القوات حتى بعد أن أصبحت الانتهاكات معروفة للرأي العام. وأكدت الباحثة في شؤون سوريا لدى المنظمة، هبة زيادين، أن “اعتراف الحكومة بالفظائع خطوة إلى الأمام، لكنه لا يرقى إلى تحقيق العدالة بحق المسؤولين رفيعي المستوى الذين مكّنوا هذه الجرائم أو لم يمنعوها”.

انتهاكات موثقة

التقرير اعتمد على أكثر من 100 مقابلة مع ضحايا وشهود ومقاتلين وصحافيين، إلى جانب صور أقمار صناعية ومواد بصرية جرى التحقق منها. وبحسب النتائج، وقعت الانتهاكات بين السادس والعاشر من مارس/آذار في أكثر من 24 بلدة وقرية وحي، وتضمنت إعدامات ميدانية، مداهمات منازل، نهب، وحرق ممتلكات، إضافة إلى استهداف على أساس الهوية.

ورغم أن التقرير لم يعثر على أوامر مكتوبة بارتكاب الفظائع من قادة الحكومة السورية، فإنه اعتبر أن وزارة الدفاع لعبت دوراً محورياً في حشد الوحدات وتنسيق انتشارها. ونقل التقرير عن مقاتلين أن القيادة العسكرية “واصلت تنسيق القوات حتى بعد أن علمت، أو كان ينبغي أن تعلم، بوقوع القتل والانتهاكات”.

بدوره، قال بسّام الأحمد، المدير التنفيذي لـ”سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، إن المحاسبة لا تشترط وجود أوامر خطية، مضيفاً: “المسؤولون امتلكوا القدرة على حشد عشرات آلاف المقاتلين وتحديد مناطق انتشارهم، لكنهم لم يوقفوا الانتهاكات، وهذا تقصير في القيادة وضعف في الإرادة”.

تقرير حكومي مثير للجدل

اللجنة الوطنية السورية للتحقيق وتقصي الحقائق كانت قد نشرت تقريرها في 22 يوليو/تموز، وأكدت مقتل ما لا يقل عن 1.426 شخصاً وإحالة 298 مشتبهاً بهم إلى القضاء. التقرير الحكومي أقرّ بوقوع فظائع جماعية، وهو ما اعتبرته “هيومن رايتس ووتش” تحولاً عن نهج الإنكار لكنه لم يتطرق إلى مسؤولية كبار القادة العسكريين أو المؤسسية الأوسع التي سمحت بالانتهاكات.

كما أشارت منظمات “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” و”الأرشيف السوري” إلى أن اللجنة اعترفت بأن الانتهاكات ارتُكبت حتى قبل مارس، في حمص وريف حماة، واستمرت لاحقاً في محافظات أخرى، بينها السويداء في يوليو/تموز، حيث تحدث السكان عن إعدامات ونهب وتدمير ممتلكات خلال عمليات أمنية واسعة.

مطالب بالإصلاح والمساءلة

رغم الانتقادات، اعتبرت المنظمات الحقوقية أن تواصل اللجنة الوطنية مع المجتمع المدني والجهات الدولية وتقديمها توصيات حول الإصلاح المؤسسي والعدالة الانتقالية يمثل تطوراً إيجابياً. لكنها شددت على ضرورة نشر التقرير الكامل، حماية الشهود، وضمان محاكمات عادلة لا تقتصر على الجرائم الفردية بل تمتد إلى المسؤولية المؤسسية.

كما طالبت المنظمات بالسماح لآليات المساءلة الدولية، بما فيها التابعة للأمم المتحدة، بالوصول إلى البلاد، إلى جانب تنفيذ إصلاحات أمنية تضمن التحقق من خلفيات المقاتلين وطرد المتورطين منهم في الانتهاكات، وإرساء هياكل قيادة شفافة ومدونات سلوك واضحة.

وقالت جلنار أحمد، مديرة برنامج “الأرشيف السوري”: “الأمر لا يتعلق بما حصل في أسبوع واحد في مارس، بل هو جزء من نمط أوسع يحتاج إلى معالجة هيكلية وشفافة”.

اقرأ أيضاً:منظمات حقوقية عن أحداث الساحل: السؤال كان أنت علويوالإجابة رصاصة

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.