تحولات دراماتيكية في المشهد السوري: تزامنات وتفاعلات سياسية معقدة

داما بوست -يوسف المصري

نقاط رئيسية

  • ظهور مناف طلاس: عاد العميد المنشق مناف طلاس إلى الواجهة في سبتمبر 2025 عبر محاضرات في باريس، يُنظر إليها كتمهيد لدور قيادي محتمل في المعارضة السورية.
  • تأسيس كيانات سياسية جديدة: شهدت الأشهر الأخيرة إطلاق “الكتلة الوطنية السورية” بقيادة هيثم مناع في 10 سبتمبر 2025، و”المجلس السياسي لوسط وغرب سوريا” في أواخر أغسطس 2025، ما يعكس حراكًا سياسيًا مكثفًا.
  • زيارة أحمد الشرع إلى نيويورك: يستعد الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع لزيارة نيويورك للمشاركة في الدورة الـ 80 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2025، وهي زيارة تحمل دلالات سياسية ورمزية كبيرة.

يشهد المشهد السوري تحولات متسارعة، تتجلى في تزامنات سياسية لافتة تجمع بين ظهور شخصيات بارزة وتأسيس كيانات جديدة، بالإضافة إلى حراك دبلوماسي على الساحة الدولية. هذه التطورات، التي تكثفت في أواخر أغسطس وسبتمبر 2025، تشير إلى مرحلة جديدة من إعادة تشكيل المشهد السياسي السوري بعد سقوط نظام بشار الأسد.

عودة مناف طلاس: دور محتمل في المشهد السوري الجديد:

عاد العميد المنشق مناف طلاس إلى الأضواء في 13 سبتمبر 2025، حيث ألقى محاضرات في معهد العلوم السياسية في باريس. هذا الظهور العلني أثار تساؤلات وتكهنات واسعة حول إمكانية توليه دور قيادي في المعارضة السورية للنظام السوري الجديد. تُفسّر هذه التحركات غالبًا بأنها محاولة لإعداده كقائد سياسي وعسكري بديل في سوريا الحالية.

مناف طلاس: من الحرس الجمهوري إلى قيادة المعارضة؟

مناف طلاس، الذي كان ضابطًا رفيعًا في الحرس الجمهوري السوري قبل انشقاقه عام 2012، يحمل خلفية عسكرية قد تكون مؤثرة في تشكيل أي قيادة مستقبلية. محاضراته في باريس، التي ناقشت الوضع السوري بعد سقوط النظام، ركزت على فكرة “مجلس عسكري وطني” كجسم قيادي بديل. هذا الطرح يشير إلى رؤيته لمرحلة انتقالية تجمع بين الخبرة العسكرية والحل السياسي.

إلا أن ظهوره أثار انقسامًا واسعًا بين أنصار وخصوم أحمد الشرع، الرئيس السوري الانتقالي، مما يعكس التعقيدات والتحديات التي تواجه أي شخصية تسعى للعب دور محوري في المرحلة الانتقالية.

الكتلة الوطنية السورية والمجلس السياسي: تشكيلات جديدة في خضم التغيير:

تزامناً مع ظهور مناف طلاس، شهدت الساحة السورية تأسيس كيانين سياسيين جديدين: “الكتلة الوطنية السورية” و”المجلس السياسي لوسط وغرب سوريا”. هذه التشكيلات تعكس رغبة الأطراف المختلفة في إعادة تنظيم المشهد السياسي وتقديم رؤى بديلة لمستقبل البلاد.

الكتلة الوطنية السورية: رؤية لدولة مدنية ديمقراطية:

في 10 سبتمبر 2025، أعلن السياسي الحقوقي هيثم مناع عن إطلاق “الكتلة الوطنية السورية”. تهدف هذه الكتلة إلى بناء دولة مدنية ديمقراطية ترفض الديكتاتورية وتؤكد على المواطنة المتساوية. يضم التشكيل الجديد شخصيات مدنية وسياسية من داخل سوريا وخارجها، ويطمح إلى تشكيل جيش وطني لحماية البلاد وتحرير الأراضي المحتلة. يمثل هذا التوجه مسارًا موازيًا في المشهد السياسي المدني السوري، ويثير نقاشات حول دوره المحتمل وتأثيره.

المجلس السياسي لوسط وغرب سوريا: نحو اللامركزية والفيدرالية:

أُعلن عن تأسيس “المجلس السياسي لوسط وغرب سوريا” في أواخر أغسطس 2025، وتحديدًا بين 27 و28 أغسطس. يمثل هذا المجلس مناطق الساحل السوري، بما في ذلك محافظات اللاذقية وطرطوس وحمص وأجزاء من ريف حماة. يتبنى المجلس فكرة الإدارة الفيدرالية كبديل للحكم المركزي، ويدعو إلى تأسيس سلطة محلية ذات طابع علماني وقانوني عادل. هذا الكيان الجديد يُنظر إليه كخطوة نحو تعزيز التمثيل المحلي وتقديم نموذج حكم لا مركزي في سوريا المستقبلية.

أهداف ورؤى المجلس السياسي:

  • تعزيز الحكم المحلي واللامركزية.
  • دعم فكرة الإدارة الفيدرالية للمناطق.
  • بناء سلطة محلية علمانية وعادلة.
  • توحيد الجهود في مناطق وسط وغرب سوريا.

 

هذه الخريطة الذهنية توضح العلاقات والتوقيتات بين الأحداث الرئيسية في المشهد السوري المتغير.

 

زيارة أحمد الشرع إلى نيويورك: دلالات سياسية ودبلوماسية

في سياق هذه التطورات الداخلية، تستعد الساحة الدولية لاستقبال رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع في نيويورك، حيث من المقرر أن يشارك في الدورة الـ 80 للجمعية العامة للأمم المتحدة. هذه الزيارة، المتوقعة بين 21 و25 سبتمبر 2025، تحمل دلالات رمزية وسياسية بالغة الأهمية.

أهمية الزيارة والخطاب المرتقب

تأتي زيارة الشرع في أعقاب تحولات سياسية كبيرة في سوريا، وتُعد فرصة مهمة لإعادة دمشق إلى المشهد الدولي بعد فترة من العزلة. من المقرر أن يلقي الشرع كلمة رسمية في 24 سبتمبر، يتوقع أن تتناول رؤيته لمستقبل سوريا وتطلعاتها في المرحلة الجديدة. هذه الزيارة يمكن أن تكون بمثابة منصة لمناقشات سياسية أوسع حول مسار البلاد وإعادة بنائها، فضلاً عن تأثيرها المحتمل على العقوبات الدولية المفروضة على سوريا.

على الرغم من أن بعض التقارير تشكك في مدى تأثير هذه الزيارة، إلا أنها بلا شك خطوة دبلوماسية استراتيجية قد تفتح آفاقًا جديدة للعلاقات السورية مع المجتمع الدولي.

تفاعلات وتوقيتات: هل هناك ارتباطات خفية؟

التزامن بين ظهور مناف طلاس، وإطلاق الكتلة الوطنية السورية، وتأسيس المجلس السياسي لوسط وغرب سوريا، بالإضافة إلى زيارة أحمد الشرع، يثير تساؤلات حول وجود ارتباطات خفية أو تنسيق بين هذه الأحداث. فهل هي مجرد مصادفات في فترة انتقالية حاسمة، أم أنها جزء من خطة أكبر لإعادة تشكيل سوريا؟

 

يلخص هذا الجدول التوقيتات والأطراف الرئيسية والأهداف المعلنة لكل من الأحداث المذكورة، مما يساعد على فهم سياقها الزمني والسياسي.

 

تحليل التزامن وتأثيره:

بينما لا توجد دلائل قاطعة على وجود ارتباط رسمي مباشر بين مناف طلاس وإطلاق الكتلة الوطنية بقيادة هيثم مناع، فإن التوقيتات المتقاربة لهذه الأحداث تشير إلى حراك سياسي مكثف في مرحلة ما بعد سقوط نظام الأسد، وفشل السلطة الحالية في تثبيت الأمن وجمع المكونات السورية تحت راية واحدة. قد تكون هذه المبادرات مسارات مستقلة تسعى كل منها لتقديم حلولها ورؤاها لسوريا الجديدة، أو قد تكون جزءًا من ديناميكية أوسع لتشكيل تحالفات جديدة أو إعادة تموضع القوى السياسية.

هل هي صدفة أم تخطيط؟

الظهور المتتابع لهذه الكيانات والشخصيات في فترة وجيزة يعكس حالة من السيولة السياسية والبحث عن قيادة ورؤية جديدة. من المرجح أن هذه التحركات تستهدف ملء الفراغ السياسي الناتج عن التغيرات الأخيرة، وتقديم بدائل متنوعة لمستقبل سوريا، سواء كانت فيدرالية، أو دولة مدنية ديمقراطية، أو مجلسًا عسكريًا انتقاليًا.

 

يقارن هذا الرسم البياني الراداري التأثير النسبي لمناف طلاس، الكتلة الوطنية السورية، والمجلس السياسي لوسط وغرب سوريا عبر عدة أبعاد رئيسية، على مقياس من 1 إلى 5. يعكس الرسم التقييمات التقديرية لكل كيان في مجالات مثل التأثير السياسي والدعم الشعبي والقدرة التنظيمية والقبول الدولي والرؤية المستقبلية.

 

التحديات والآفاق المستقبلية:

تُواجه هذه الكيانات والشخصيات تحديات كبيرة في مسعاها لتشكيل مستقبل سوريا. تتطلب هذه المرحلة الانتقالية توافقًا واسعًا ودعمًا شعبيًا ودوليًا لضمان الاستقرار والنجاح.

تحديات بناء سوريا الجديدة:

تشمل التحديات الرئيسية توحيد الفصائل المتنوعة، بناء مؤسسات دولة قوية وشفافة، التعامل مع الإرث المعقد للصراع، وضمان مشاركة جميع أطياف المجتمع السوري في عملية الانتقال. كما أن الدعم الدولي والقبول الإقليمي سيلعبان دورًا حاسمًا في تحديد مدى نجاح هذه المبادرات.

 

يُظهر هذا الرسم البياني العمودي تقديرًا لدرجة التحدي التي تواجه بناء سوريا الجديدة عبر أبعاد مختلفة، مثل توحيد الفصائل وبناء المؤسسات والتعامل مع إرث الصراع والقبول الشعبي والدعم الدولي، على مقياس من 0 إلى 10.

 

الخاتمة

إن التزامن في ظهور مناف طلاس، وتأسيس الكتلة الوطنية السورية والمجلس السياسي لوسط وغرب سوريا، بالإضافة إلى زيارة أحمد الشرع إلى نيويورك، يؤكد أن المشهد السوري يمر بمرحلة مفصلية وحاسمة. هذه الأحداث، وإن كانت تبدو مستقلة في ظاهرها، إلا أنها جميعًا تصب في بوتقة إعادة تشكيل مستقبل سوريا. يبقى التحدي الأكبر في كيفية تجميع هذه الجهود المتفرقة نحو رؤية موحدة تحقق الاستقرار والازدهار للشعب السوري، مع الأخذ في الاعتبار التعقيدات الداخلية والدعم أو المعارضة الإقليمية والدولية.

إقرأ أيضاً: الاتفاق الأمني بين دمشق وتل أبيب: هل بدأت سوريا تدخل مرحلة تقاسم أمني معلن؟

إقرأ أيضاً: مناف طلاس: العودة إلى المشهد السوري ورؤيته لمستقبل ما بعد الأسد

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.