جنوب سوريا.. جفاف وغلاء الأسعار يحوّلان موسم التحضير للشتاء إلى عبء
اعتاد أهالي الجنوب السوري، المكوّن من محافظات القنيطرة والسويداء ودرعا، على أن يكون شهر أيلول فترة التحضير لموسم الشتاء، من تخزين “المونة الشتوية” وشراء المازوت والحطب، وصولاً إلى الاستعداد للعودة إلى المدارس. غير أن موسم 2025 جاء مختلفاً، حيث تجمع بين ارتفاع الأسعار وضعف القدرة الشرائية للجماهير، إضافة إلى جفاف أثر على الإنتاج الزراعي، وتوترات أمنية مستمرة، ما جعل أيلول عبئاً إضافياً على الأسر.
موسم زراعي ضعيف وكميات رمزية من المونة
كان الأهالي يعتمدون تقليدياً على إنتاج محلي من الخضروات والفواكه، مثل البندورة والفليفلة والباذنجان والزيتون، لتحضير “المونة” التي تكفي أشهر الشتاء. لكن الجفاف قوض الموسم الزراعي، وارتفعت تكاليف الإنتاج، ما دفع الأسر إلى الاكتفاء بكميات رمزية من المونة أو شراء المنتجات من الأسواق.
المزارع جواد مرعي من مسحرة في ريف القنيطرة قال إن العديد من العائلات تخلت عن تجهيز “دبس البندورة” والمربيات وزيت الزيتون، لصالح تموين الضروريات مثل ورق العنب والفول والبازلاء، مؤكداً أن تكلفة 10 كيلو من المكدوس بلغت نحو 150 ألف ليرة سورية، وهو ما لا يكفي سوى أسبوعين، مقارنة بالكميات المعتادة بين 30 و60 كيلو.
تحديات التدفئة ومحدودية الوقود
مع بداية أيلول، يبدأ الأهالي عادة بتخزين الحطب وصيانة المدافئ وتأمين البطانيات أو المازوت، غير أن الظروف هذا العام تشير إلى صعوبة الاستعداد للشتاء. ففي درعا والسويداء تقلصت إمكانية الحصول على الحطب المجاني بسبب التوترات الأمنية، فيما فقدت القنيطرة مساحات واسعة من الأشجار نتيجة توغلات الاحتلال الإسرائيلي، ما يجعل الأهالي مضطرين للبحث عن بدائل للتدفئة.
تبلغ تكلفة طن الحطب نحو 1.5 مليون ليرة سورية، في حين وصل سعر لتر المازوت إلى 11 ألف ليرة، دون مؤشرات على توزيع مازوت مدعوم، ما يزيد الضغوط على الأسر في المناطق الباردة.
ضغوط اقتصادية متزامنة مع بيئة غير مستقرة
تتزامن هذه الالتزامات الموسمية مع انخفاض القدرة الشرائية، إذ لا يتجاوز متوسط الراتب الشهري في بعض القطاعات 350 ألف ليرة، بينما تحتاج أسرة مكونة من خمسة أفراد إلى أكثر من 3 ملايين ليرة لتغطية الاحتياجات الأساسية. وتزيد التوترات الأمنية من هشاشة الواقع المعيشي، حيث تتأثر القرى في درعا بسوء الخدمات الأساسية، والسويداء بالتوترات المحلية، والقنيطرة بتوغلات الاحتلال، ما يقلل النشاط الاقتصادي ويحد من المعروض الغذائي.
كل هذه العوامل تجعل من أيلول موسماً مرهقاً للأسر في جنوب سوريا، إذ تتحول فترة التحضير للشتاء إلى عبء مضاعف على المواطنين، الذين يواجهون آثار الحرب والانهيار الاقتصادي والجفاف في آن واحد.
اقرأ أيضاً:سوريا: أزمة معيشية تفوق إمكانيات الدولة والمساعدات الدولية