هيومن رايتس ووتش: القوات الإسرائيلية ترتكب انتهاكات جسيمة في جنوب سوريا
قالت منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم إن القوات الإسرائيلية، التي تحتل أجزاء من جنوب سوريا منذ ديسمبر/كانون الأول 2024، ارتكبت سلسلة من الانتهاكات الخطيرة بحق المدنيين السوريين، بما يشمل التهجير القسري، هدم المنازل، الاستيلاء على الممتلكات الخاصة، والاحتجاز التعسفي. وأكدت المنظمة أن هذه الانتهاكات ترقى إلى جرائم حرب بموجب القانون الدولي الإنساني.
الاحتلال الإسرائيلي يتوسع جنوب سوريا وسط صمت دولي:
وأشارت إلى أنه منذ انهيار الحكومة السورية السابقة في ديسمبر 2024، احتلت “إسرائيل” أجزاءً من المنطقة المنزوعة السلاح بين هضبة الجولان المحتلة ومحافظة القنيطرة، وأنشأت تسعة مواقع عسكرية تمتد من جبل حرمون مرورا بمدينة القنيطرة حتى مناطق غرب درعا.
وأضافت: كثفت “إسرائيل” أيضا ضرباتها الجوية على البنية التحتية العسكرية. منذ فبراير/شباط، أعلن المسؤولون مرارا وتكرارا عزمهم على “تجريد جنوب سوريا بالكامل من السلاح “، وصرّحوا في مناسبات متعددة أن القوات ستبقى إلى أجل غير مسمى في الأراضي التي استولت عليها مؤخرا. تؤكد التقارير الإعلامية الأخيرة عن توغلات برية إسرائيلية جديدة في بلدة القنيطرة وتحليق مكثّف فوق القنيطرة ودرعا أن العمليات في جنوب سوريا مستمرة. منعت “إسرائيل” عشرات آلاف النازحين السوريين من العودة إلى الجولان منذ 1967.
وأكدت هيومن رايتس ووتش أن القوات الإسرائيلية شنت عمليات تهجير قسري وهدمت منازل في قرى مثل الحميدية وجباتا الخشب، وقيدت وصول السكان إلى أراضيهم الزراعية، ما أدى إلى قطع سبل عيش آلاف العائلات السورية.
شهادات مباشرة ووثائق وصور أقمار صناعية:
بين يونيو/حزيران وسبتمبر/أيلول 2025، أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع ثمانية سوريين من المتضررين، إضافة إلى تحليل صور الأقمار الصناعية التي أظهرت تدمير المباني وتجريف الأراضي الزراعية، وبناء مواقع عسكرية إسرائيلية على بعد أمتار من المناطق السكنية.
وقالت هبة زيادين، الباحثة الأولى في شؤون سوريا في المنظمة: “ما تفعله القوات الإسرائيلية في جنوب سوريا يُعيد إنتاج ممارساتها القمعية من الأراضي الفلسطينية إلى الأراضي السورية المحتلة، وسط تواطؤ وصمت دوليين”.

التهجير القسري في الحميدية: جريمة موثقة بالأدلة:
في قرية الحميدية، الواقعة ضمن المنطقة العازلة التي تشرف عليها الأمم المتحدة، هدمت القوات الإسرائيلية 12 مبنًى على الأقل في يونيو/حزيران، وهجّرت ثماني عائلات بالقوة، دون سابق إنذار أو توفير مأوى بديل.
شهادات السكان تشير إلى أن عمليات الطرد جرت في يوم سقوط حكومة الأسد، حيث اقتحمت القوات الإسرائيلية القرية مدججة بالسلاح، وأجبرت السكان على المغادرة تحت التهديد، دون السماح لهم بأخذ ممتلكاتهم.
وقال أحد السكان: “جرفوا الأرض كلها، اقتلعوا الأشجار، ولم يتركوا شيئًا قائمًا. نعيش منذ ذلك الحين في غرفة صغيرة لدى أقاربنا، بلا مأوى ولا تعويض”.

الاستيلاء على الأراضي الزراعية في جباتا الخشب:
في قرية جباتا الخشب، شيّدت القوات الإسرائيلية منشأة عسكرية على بعد كيلومتر واحد من القرية، وأزالت أكثر من 45 هكتارًا من الغابات، بعضها يعود إلى أكثر من 100 عام.
منعت القوات الإسرائيلية السكان من الوصول إلى أراضيهم الزراعية ومراعيهم، ما أدى إلى خسائر اقتصادية جسيمة. وقال أحد المزارعين: “فقدنا أكثر من نصف دخلنا السنوي بسبب منعنا من زراعة الأرض أو رعي المواشي، دون أي تعويض أو مساعدة”.

التحليل والرسومات © 2025 هيومن رايتس ووتش
احتجاز تعسفي ونقل قسري إلى “إسرائيل”:
وثّقت هيومن رايتس ووتش احتجاز ما لا يقل عن 8 سوريين، بينهم طفل يبلغ 17 عامًا، تم نقلهم إلى “إسرائيل” دون تهمة أو محاكمة، في انتهاك مباشر للقانون الدولي، الذي يمنع نقل المدنيين من الأراضي المحتلة إلى أراضي الدولة المحتلة.
كما وثّقت المنظمة مجزرة في قرية بيت جن، حيث داهمت القوات الإسرائيلية القرية فجر 12 يونيو، واعتقلت 7 رجال وقتلت رجلًا من ذوي الإعاقة الذهنية. وأكدت عائلات المعتقلين أن لا صلة لهم بأي تنظيمات مسلحة، في حين قالت “إسرائيل” إنهم مرتبطون بـ “حماس”، دون تقديم أدلة أو إتاحة التواصل مع محامين.
مطالبات بتعليق الدعم العسكري لـ “إسرائيل”:
دعت هيومن رايتس ووتش الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا إلى:
1- تعليق المساعدات العسكرية لـ “إسرائيل”
2- فرض عقوبات على المسؤولين الإسرائيليين المتورطين في الانتهاكات
3- دعم آليات المساءلة الدولية، بما فيها المحكمة الجنائية الدولية
وقالت زيادين: “الصمت الدولي يمنح إسرائيل الضوء الأخضر لتكرار انتهاكاتها في سوريا كما في فلسطين. يجب أن تتحرك الحكومات الآن لوقف هذه الانتهاكات ومعاقبة المسؤولين عنها”.
إقرأ أيضاً: تصعيد إسرائيلي في القنيطرة: رسائل عسكرية وسياسية عبر التوغلات والاعتقالات
إقرأ أيضاً: صحيفة عبرية:الاحتلال يهدم مباني تاريخية في القنيطرة ويرفض تعويض سوريا