عودة خدمات غوغل الإعلانية إلى سوريا.. فرص اقتصادية واجتماعية
أعلنت شركة غوغل عن إزالة سوريا من قائمة العقوبات الأميركية الخاصة بمكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) اعتباراً من 13 آب 2025، ما يتيح استئناف الخدمات الإعلانية في البلاد بعد سنوات من الانقطاع. القرار يشمل ثلاث منصات رئيسية: “إعلانات غوغل”، و”غوغل آد إكستشينج”، و”مدير الإعلانات”، ويتيح للمعلنين السوريين استعادة حساباتهم بعد إجراءات تحقق يدوية تشمل تقديم وثائق رسمية وإثبات الهوية والالتزام بالشروط الجديدة.
وفق الشركة، يتيح هذا القرار الوصول إلى نحو 22 مليون شخص، ما يعزز توسع التسويق الرقمي في سوريا ويأتي في سياق جهود التحول الرقمي وإعادة بناء البنية التحتية الاقتصادية. وأكد وزير الاتصالات والتقانة، عبد السلام هيكل، أن فريق الوزارة يعمل يومياً مع ممثلين أميركيين وشركات تكنولوجيا لضمان تنفيذ القرار بشكل فعال.
أثر غياب خدمات غوغل على الاقتصاد السوري
منذ إدراج سوريا ضمن قائمة العقوبات الأميركية، حُرمت الشركات والأفراد من أدوات الإعلان الرقمي، ما أدى إلى عزلة السوق السورية عن الاقتصاد الرقمي العالمي. لجأ بعض رواد الأعمال السوريين إلى شبكات VPN أو وسطاء في الخارج لإدارة الحملات الإعلانية، كما فتح العديد من المبدعين وأصحاب المحتوى حسابات خارجية بأسماء أقارب أو شركاء في الخارج لضمان وجود قناة اتصال مع منصات غوغل. هذه الحلول كانت مكلفة وغير مستدامة، وأثرت على نمو الشركات الصغيرة والتجارة الإلكترونية، كما حُرم الإعلام الرقمي من عوائد AdSense، ما قلل من استمراريته.
فرص اقتصادية متجددة
تمثل إعادة إدماج سوريا في منظومة غوغل الإعلانية فرصة لإحياء قطاع الإعلان الرقمي، وتمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة من التسويق لمنتجاتها وخدماتها محلياً ودولياً بأساليب أقل كلفة وأكثر فعالية. كما تعزز هذه الخطوة عمل المستقلين السوريين في مجالات التسويق الرقمي، وصناعة المحتوى، والخدمات التعليمية، مع إمكانية تحقيق عوائد مالية منظمة عبر المنصات العالمية.
مع ذلك، يشير الخبراء إلى أن التأثير لن يكون فورياً أو شاملاً بسبب ضعف البنية التحتية للإنترنت، واستمرار المشكلات المرتبطة بالنظام المصرفي والعقوبات المالية، ما يجعل الاستفادة الكاملة مرهونة بإصلاحات تقنية ومالية وتشريعية.
الأثر على الشركات ورواد الأعمال
ستتمكن الشركات السورية من استخدام أدوات غوغل لاستهداف الجمهور بدقة أكبر، بما يقلل اعتمادها على وسائل تقليدية مكلفة مثل اللافتات الورقية. كما ستعيد الشركات الناشئة ترتيب استراتيجياتها التسويقية وفق معايير عالمية، فيما سيتمكن رواد الأعمال الذين اعتمدوا سابقاً على حلول ملتوية من تنظيم أعمالهم بشكل قانوني، ما يعزز ثقة المستثمرين المحليين والإقليميين.
التأثير الاجتماعي والثقافي
عودة خدمات غوغل ستفتح فرص عمل جديدة للشباب السوري في مجالات التسويق الرقمي والتعليم عن بعد وصناعة المحتوى، كما ستسهم في تقليل الاعتماد على شبكات VPN، وتعزيز الوصول إلى المعلومات والخدمات الرقمية. ويتوقع أن يخلق هذا التطور تحولات ثقافية نحو الاقتصاد المعرفي، ويحفّز الأجيال الشابة على الابتكار الرقمي بدلاً من الاقتصار على الوظائف التقليدية.
التحديات المستقبلية
رغم الفرص الكبيرة، تواجه سوريا تحديات بنيوية وسياسية تشمل ضعف البنية التحتية للإنترنت والكهرباء، غياب وسائل دفع إلكترونية عالمية، ونقص التشريعات المنظمة للتجارة الرقمية وحماية الملكية الفكرية. ولتحقيق الاستفادة القصوى، هناك حاجة لاستراتيجيات وطنية تشمل تحديث البنية التحتية، تطوير أنظمة دفع محلية ودولية، وتشريعات داعمة للاقتصاد الرقمي، إلى جانب تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص والمغتربين.
وبحسب رائد الأعمال محمد الديري، فإن “عودة خدمات Google Ads إلى سوريا تفتح باباً كان مغلقاً لسنوات، لكنها تتطلب معرفة واستراتيجية دقيقة للاستفادة من الفرص المتاحة، وإلا ستصبح أداة مكلفة بدلاً من قوة تنافسية”.
تظل هذه الخطوة بمثابة بداية لمسار طويل نحو دمج الاقتصاد السوري في النظام الرقمي العالمي، مع فرص واسعة للشركات والأفراد والمجتمع، لكنها مرهونة بقدرة البلاد على معالجة التحديات التقنية والمالية والتنظيمية.
اقرأ أيضاً:سورية والسعودية تتفقان على إنشاء محطتي كهرباء بالطاقة المتجددة