طلاب الطب اللاجئون بين قرارات التعليم العالي وأعباء الغربة

يواجه آلاف الطلبة السوريين من اختصاصات الطب البشري وطب الأسنان والصيدلة خيبة أمل كبيرة بعد قرار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في سوريا القاضي بعدم السماح لهم بالانتقال إلى الجامعات الحكومية داخل البلاد. القرار أثار موجة استياء واسعة في أوساط الطلاب، الذين يطالبون باستثناء يتيح لهم استكمال دراستهم في وطنهم بعد سنوات طويلة من اللجوء في دول الجوار.

مطالب طلابية بالعودة والاستكمال

يقول هؤلاء الطلبة إنهم دفعوا أثماناً إنسانية باهظة منذ تهجيرهم، ويواجهون اليوم قيوداً تعسفية وارتفاعاً غير مسبوق في رسوم الدراسة في الخارج. ويرون أن من حقهم العودة إلى الجامعات السورية الحكومية، لا سيما أنهم قُبلوا سابقاً في جامعات حكومية مرموقة ذات تصنيف أعلى من الجامعات السورية وشروط قبول أكثر صرامة.

ومع سقوط النظام السابق وبدء موجة العودة الطوعية للاجئين السوريين من تركيا ودول أخرى، برزت قضية هؤلاء الطلاب كاختبار تعليمي وأخلاقي لسوريا الجديدة، التي تُطرح أمامها تساؤلات حول كيفية إعادة دمج عشرات الآلاف من الطلبة العائدين، خصوصاً في التخصصات الطبية التي تحتاجها البلاد.

ضوابط التعليم العالي

في تموز/يوليو الماضي، أصدرت وزارة التعليم العالي السورية ضوابط النقل بين الجامعات، والتي جاءت على النحو الآتي:

  • من جامعة خاصة إلى أخرى خاصة: النقل مسموح بشرط تحقيق معدل الشهادة الثانوية المطلوب.

  • من جامعة عامة إلى خاصة: النقل مسموح أيضاً ضمن الشروط نفسها.

  • من جامعة خاصة إلى عامة: النقل غير مسموح إطلاقاً، حتى مع تحقق المعدل.

  • من جامعة عامة إلى أخرى عامة: النقل مسموح لجميع التخصصات باستثناء الكليات الطبية (طب بشري، طب أسنان، صيدلة).

  • إلى الجامعات الخاصة داخل سوريا: متاح بشرط دفع الرسوم بالدولار، وفق التسعيرة المخصصة للطلبة السوريين المغتربين.

هذا القرار أثار استياء الطلبة الذين يدرسون في جامعات حكومية خارج سوريا، معتبرين أنه يُقصيهم بشكل غير عادل ويضع العراقيل أمام عودتهم.

حملة عبر “آفاز”

اطلق الطلبة، حملة إلكترونية على موقع آفاز وقع عليها أكثر من 500 طالب، مطالبين الرئيس الالنتقالي السوري أحمد الشرع ووزارة التعليم العالي بفتح باب النقل والاستكمال في الجامعات الحكومية السورية.

الحملة شددت على ثلاثة مطالب رئيسية:

  1. السماح لطلاب الطب البشري وطب الأسنان والصيدلة القادمين من جامعات حكومية غير سورية بالالتحاق بالجامعات الحكومية السورية.

  2. وضع آلية معادلة شفافة تراعي اختلاف نظم القبول (YÖS، SAT وغيرها)، وتُعاملهم كطلاب استكمال لا كطلاب جدد.

  3. إعفاؤهم من أعباء مالية إضافية، باعتبارهم طلاب تعليم عام أساساً، وإخضاعهم لرسوم مماثلة لنظرائهم داخل سوريا.

عبء مالي متزايد

علي الحسنين، منسق الحملة وطالب طب في جامعة عصمت إنونو بتركيا، قال إن متوسط الأقساط السنوية في الكليات الطبية التركية يتراوح بين 6000 و12500 دولار أميركي، مع زيادات سنوية تصل أحياناً إلى 60%. وأشار إلى أن هذه التكاليف الباهظة دفعت بين 20% و30% من الطلاب السوريين في تركيا إلى التوقف عن الدراسة.

وأضاف أن القيود على عمل الطلاب وصعوبة الحصول على فرص عمل صيفية بسبب قوانين التنقل بين الولايات التركية، جعلت من تغطية نفقات الدراسة والسكن أمراً شبه مستحيل.

كما لفت إلى أن السكن الطلابي الحكومي (KYK) مغلق أمام السوريين منذ 2021، ما يدفعهم إلى الاعتماد على سكن خاص بتكاليف مرتفعة، الأمر الذي يضاعف من أعبائهم المالية.

بين القرارات والواقع

يؤكد الطلبة أن مطالبهم لا تتعلق بالامتيازات، بل بالاعتراف بحقهم في استكمال تعليمهم في بلدهم ومعادلة سنوات دراستهم السابقة، خصوصاً أنهم اجتازوا امتحانات قبول معقدة مثل YÖS وSAT وتعلموا لغات أجنبية كشرط للدراسة في الخارج.

ومع ازدياد الضغوط المالية والنفسية، يرى الطلاب أن الحل يكمن في إعادة النظر بقرارات التعليم العالي، بما يضمن دمجهم في الجامعات السورية الحكومية، وتخفيف الأعباء عنهم، حتى يتمكنوا من إكمال دراستهم والمساهمة في سد النقص الكبير بالكفاءات الطبية داخل البلاد.

اقرأ أيضاً:سورية والسعودية تتفقان على إنشاء محطتي كهرباء بالطاقة المتجددة

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.