استثمارات عربية ودولية بمليارات الدولارات.. بين الطموح والشكوك

أعادت الحكومة السورية فتح ملف الاستثمارات الضخمة، بعد الإعلان منذ مايو/أيار الماضي عن توقيع اتفاقيات تتجاوز قيمتها 30 مليار دولار مع شركات عربية ودولية، شملت قطاعات النفط والطاقة والبنية التحتية والسياحة والإسكان. غير أن هذه المشاريع تواجه تساؤلات جدية حول مدى جديتها وقدرتها على الانتقال من الورق إلى التنفيذ، في ظل الوضع السياسي والاقتصادي الهش.

مشاريع مؤجلة تعود للواجهة

العديد من المشاريع المطروحة اليوم ليست جديدة، بل تعود إلى ما قبل عام 2011، مثل مشروع مترو دمشق، أبراج دمشق، مرافئ اللاذقية وطرطوس، إضافة إلى مشاريع سياحية وإنتاجية. بعض هذه المشاريع تعطّل في السابق لأسباب مرتبطة بالفساد أو بقرارات سياسية من النظام السابق، كما حدث مع مشروع مصفاة دير الزور عام 2009 بقيمة 1.2 مليار دولار، الذي جرى تعطيله رغم أنه كان قادراً على توفير آلاف فرص العمل وتخفيض كلفة تكرير النفط.

جدل حول الشركات المنفذة

من بين الشركات المتعاقدة مؤخراً “أوباكو” الإيطالية و”يوباكو” السورية لتنفيذ مشروع أبراج دمشق بقيمة 2.5 مليار يورو. ورغم محدودية رأس مالها وعدد موظفيها، أبدت استعدادها الفوري للبدء بالمشروع حال توقيع العقد النهائي. في المقابل، أثيرت شكوك حول شركة تركية تدعى “Polidef” قيل إنها ستدير مطار دمشق الدولي، قبل أن يتضح أن العقد الأساسي مع شركة “يو سي سي” القطرية، التي تحظى بسمعة قوية وخبرة كبيرة في مجالات البنية التحتية والطاقة، وتعاقدت مع الشركة التركية كمقاول منفذ.

الانتقادات الموجهة

تتركز الانتقادات حول نقطتين أساسيتين:

  • طبيعة المشاريع: معظمها موجه لذوي الدخل المرتفع، بعيداً عن أولويات إعادة الإعمار وإسكان المتضررين.

  • التوزيع الجغرافي: معظم الاستثمارات تتركز في دمشق وريفها، بينما تغيب المحافظات الأخرى عن المشهد الاستثماري، ما يثير مخاوف من نزوح العمالة إلى العاصمة.

ويرى محللون أن على الحكومة وضع خريطة استثمارية متوازنة تشمل جميع المحافظات حسب خصائصها الزراعية أو الصناعية أو السياحية، مع إطلاق صندوق مخصص لإعادة الإعمار وإسكان اللاجئين، بدلاً من التعويل فقط على المستثمرين الباحثين عن الربح.

بين السياسة والاقتصاد

يشكك كثيرون في أن هذه الاستثمارات تحمل بعداً سياسياً أكثر من كونها مشاريع اقتصادية فعلية، خصوصاً في ظل هشاشة الوضع الأمني واحتمالات تجدد المواجهات العسكرية. كما يشير البعض إلى أن منتدى الاستثمار السعودي – السوري، الذي أُعلن خلاله عن اتفاقيات بـ7 مليارات دولار، جاء مباشرة بعد أحداث السويداء، معتبرين أن الرسالة كانت سياسية بالدرجة الأولى.

لكن المستثمرين السعوديين ردوا على هذه الشكوك، مؤكدين أن الشركات المشاركة كبيرة ومعروفة في المملكة، ولا يمكن لمجالس إدارتها المجازفة بحقوق المساهمين لأهداف سياسية بحتة، لافتين إلى أن سورية تمتلك فرصاً استثمارية حقيقية ويداً عاملة مدربة. كما وقعت السعودية اتفاقية مع دمشق لحماية الاستثمارات، ما يعزز الثقة لدى القطاع الخاص.

فرص العمل والتحديات

تشير التقديرات إلى أن المشاريع الموقعة قادرة على توفير أكثر من نصف مليون فرصة عمل مباشرة، ونحو مليون فرصة غير مباشرة خلال ثلاث سنوات. ومع أن معدل البطالة في سورية يتجاوز 60%، يتوقع أن تنخفض النسبة إلى نحو 15% في حال بدء دوران عجلة الاستثمارات.

لكن المردود الاقتصادي يحتاج وقتاً، إذ إن المشاريع الكبرى لا تدخل حيز التشغيل قبل عام ونصف إلى ثلاثة أعوام. وبحسب تقديرات متفائلة، فإن سورية تحتاج إلى 20 عاماً على الأقل للوصول إلى مستوى الناتج المحلي لعام 2010، إذا حافظت على نمو يتجاوز 7% سنوياً حتى عام 2045.

اقرأ أيضاً:النيو ليرة السورية هل تكون طوق نجاة للاقتصاد أم مقدمة لأزمة جديدة؟

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.