أزمة مياه الشرب شمال شرق سوريا: معاناة مستمرة وانقطاع مستمر وخطر صحي يهدد السكان
أزمة انقطاع مياه الشرب في القامشلي منذ أشهر وسط انعدام بدائل فعالة
يعاني سكان مدينة القامشلي شمال شرق سوريا من أزمة حادة في انقطاع مياه الشرب الصالحة للاستهلاك البشري منذ أكثر من عام، حيث تتكرر الانقطاعات المتواصلة بسبب أعطال في الشبكة، وارتفاع نسبة الهدر، وتدهور أنابيب المياه، بالإضافة إلى التوسع العمراني والسكاني الكبير.
مصادر المياه في القامشلي وأسباب الأزمة
تُعتمد القامشلي على عدة مصادر مائية رئيسية منها:
1- محطة الهلالية قرب قرية نافكور
2- محطات عويجة الواقعة قرب المنطقة الصناعية
3- محطة جقجق على الحزام الشمالي للمدينة
4- محطة سفان في المالكية التي تغذي محطة عويجة
لكن انخفاض منسوب مياه سد تشرين وسد سفان بنسبة 40%، إلى جانب انقطاعات الكهرباء التي تصل المحطات لمدة 12 ساعة فقط يومياً، أدت إلى تعطل ضخ المياه وارتفاع أمد الانقطاع. وتعتمد بلدية القامشلي على تشغيل الآبار بواسطة المولدات الكهربائية في الأوقات المتبقية، غير أن ذلك لم يحل الأزمة.
معاناة الأهالي وارتفاع تكلفة شراء مياه الصهاريج
يتحدث الأهالي في أحياء مثل الزهور والسياحي والموظفين عن اضطرارهم لشراء مياه من صهاريج غير موثوقة المصدر، تحتوي غالباً على مياه ملوثة ذات لون رمادي، وهو ما يثير مخاوف صحية كبيرة، خاصة للأطفال.
المواطن ميلاد عيسى يوضح أن تكلفة شراء المياه تزيد بشكل كبير في الصيف، حيث يحتاج شهرياً ما بين 100 إلى 150 دولاراً لشراء مياه صالحة، وهو مبلغ يفوق أجور كثير من موظفي المنطقة، مما يزيد العبء المالي على العائلات.
أضرار صحية خطيرة من شرب المياه غير النظيفة
الطبيب موسى مسروح يبيّن في تصريح لـ “الجزيرة نت” أن المياه المستخدمة من صهاريج التعبئة تتميز بنسبة تكلّس عالية، مما يؤدي إلى مشاكل صحية مثل:
1- حصوات الكلى
2- أمراض جلدية مزمنة
3- تسمم مائي خاص بالأطفال نتيجة ضعف مناعتهم
ويشير إلى دخول بعض الحالات إلى المستشفيات بعد تعرضها لمشكلات صحية ناجمة عن استهلاك مياه ملوثة، داعياً إلى توفير مياه معدنية أو استخدام فلاتر لتنقية المياه داخل المنازل.
الجهود الرسمية والمشاريع المرتقبة
تعمل بلدية القامشلي على مشاريع لتخفيف الأزمة، منها:
1- حفر 20 بئراً جديدة
2- تقسيم المدينة إلى قطاعات لضبط عمليات ضخ المياه
3- تشغيل محطات المياه بساعات محددة (محطة جقجق ومحطة عويجة)
لكن الأهالي يؤكدون أن هذه الإجراءات لم تؤدِ لتحسين ملموس في الواقع، ولا تزال المياه مفقودة عن أغلب الأحياء.
أزمة مياه الشرب في الحسكة: كارثة صحية وأزمة إنسانية مستمرة
تواجه مدينة الحسكة أزمة إنسانية خانقة بسبب انقطاع مياه الشرب منذ سنوات، إذ يعتمد سكانها على مياه محطة علوك التي توقفت عن الضخ بعد سيطرة تركيا والفصائل المسلحة على المنطقة في 2019.
مياه ملوثة تسبب أمراضاً معوية خطيرة للأطفال والكبار
أهالي الحسكة يشتكون من شراء مياه غير صالحة للشرب، تُسبب أمراضاً معوية مزمنة، مع زيادة حالات التسمم والإسهال خصوصاً بين الأطفال، وسط غياب رقابة صحية حقيقية على مصادر المياه.
رفعت الحسن من سكان حي العزيزية يشير لـ “نورث برس” إلى أن المياه التي تصل المدينة نادرة ومليئة بالشوائب والدود، وأن أسعار المياه الصالحة مرتفعة للغاية ولا يمكن لمعظم العائلات تحمل تكلفتها.
أعداد كبيرة من المرضى بسبب المياه الملوثة
الطبيب إبراهيم مشهد من مستشفى الشعب يؤكد لـ “نورث برس” استقبالهم يومياً عشرات حالات التهاب المعدة والأمعاء الناتجة عن شرب المياه الملوثة، وخصوصاً لدى الأطفال والمرضى المزمنين، ما يؤدي أحياناً إلى حالات جفاف تهدد الحياة.
ويشير إلى تسجيل نحو 6000 حالة شهرياً، مع تفاقم الوضع نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وتأثيرها على تلوث المياه.
خلاصة وتوصيات
تتطلب أزمة مياه الشرب في مدينتي القامشلي والحسكة شمال شرق سوريا تدخلات عاجلة تشمل:
1- تحديث وصيانة البنية التحتية للمياه
2- ضبط مصادر المياه الصالحة وصيانتها الصحية
3- توفير مياه شرب بأسعار مناسبة للسكان
4- مكافحة الفساد وتحسين إدارة الموارد المائية
5- دعم فني وإنساني من جهات محلية ودولية
إهمال هذه الأزمة يشكل خطراً متزايداً على الصحة العامة، ويهدد الأمن الغذائي والاستقرار الاجتماعي في المنطقة.
إقرأ أيضاً: شح المياه يهدد محاصيل الرقة ويثقل كاهل المزارعين
إقرأ أيضاً: أزمة المياه في دمشق: تراجع غزارة نبع الفيجة يهدد الأمن المائي للعاصمة