لجنة اقتصادية جديدة: بين الإصلاح ومخاوف إنتاج النفوذ

أعلنت الأمانة العامة لمجلس الوزراء السوري، في 13 آب/ أغسطس الجاري، عن قرار يقضي بإعادة تشكيل اللجنة الاقتصادية الحكومية، في خطوة أثارت نقاشًا واسعًا حول أهدافها ودلالاتها في المرحلة الانتقالية التي تعيشها البلاد.

تُعتبر هذه اللجنة واحدة من أبرز الأدوات الرسمية في صياغة السياسات الاقتصادية الكبرى، بما في ذلك الموازنة العامة للدولة، والسياسات التجارية والاستثمارية، ودعم القطاعات الإنتاجية. ولهذا فإن أي تعديل في تركيبتها يُقرأ عادة كإشارة إلى توجهات السلطة الحاكمة في التعامل مع الملفات الاقتصادية.

تركيبة مثيرة للجدل

اللافت في التشكيل الجديد هو إدخال شخصيات ارتبط اسمها سابقًا بجهات سياسية أو عسكرية مثيرة للجدل، إلى جانب شخصيات تكنوقراط. فقد أُسندت رئاسة اللجنة إلى عديل الرئيس أحمد الشرع، كما ضمّت شخصيات كانت جزءًا من “هيئة تحرير الشام” أو شغلت مناصب في حكومات محلية بعد سقوط الأسد.

من بين الأسماء البارزة، قتيبة أحمد بدوي المعروف بـ”أبو حمزة بنش” أو “المغيرة بنش”، والذي سبق أن كان أمير قاطع إدلب في “هيئة تحرير الشام” ومديرًا للهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية في عهد أبي محمد الجولاني، وهو شقيق زوجة الرئيس الشرع، وفق مصادر إعلامية.

كما شمل التشكيل تعيين وزراء سابقين في حكومتي “الإنقاذ” و”البشير” كمساعدين لوزراء في الحكومة الحالية، منهم:

  • محمد أبازيد، وزير المالية السابق في حكومة البشير، عُين معاونًا لوزير المالية محمد ياسر برنية.

  • ماهر خليل حسن، وزير التجارة الداخلية السابق، أصبح معاونًا لوزير الاقتصاد نضال الشعار.

  • غياث دياب، وزير النفط السابق، عُين معاونًا لوزير الطاقة محمد البشير.

صلاحيات واسعة

بحسب القرار، تتولى اللجنة مسؤولية الإشراف على المناقصات الداخلية التي تتجاوز قيمتها 500 مليون ليرة سورية، إضافة إلى المناقصات الخارجية التي تفوق مليار ليرة، ما يمنحها تأثيرًا مباشرًا على المشاريع الاستثمارية الكبرى في البلاد.

جدل حول الأهداف

التحليلات انقسمت بشأن دلالات هذا التشكيل:

  • فريق يرى أنه يعكس إعادة تدوير للنخب والشخصيات النافذة، بما قد يؤدي إلى تهميش المؤسسات الرسمية لصالح قرارات فردية.

  • فيما يعتبر فريق آخر أن إشراك شخصيات ذات ثقل اجتماعي وسياسي قد يساهم في فرض قرارات اقتصادية أكثر سرعة وفعالية في ظل الأزمات المتفاقمة.

لكن الانتقادات لم تتوقف عند الجانب الإداري فقط، بل شملت البعد السياسي والديني، حيث حذّر خبراء من أن تغليب الولاءات على حساب الكفاءات الاقتصادية قد يحدّ من فعالية القرارات على المدى الطويل.

سياق سياسي أوسع

لم يكن التشكيل الأخير معزولًا عن المشهد السياسي العام في سوريا. فإسناد رئاسته لعديل الرئيس، مع إشراك شخصيات من خلفيات مختلفة، يُقرأ كجزء من محاولة لتوسيع دوائر النفوذ وضمان ولاءات متشابكة بين السياسي والديني والاقتصادي.

بين الإصلاح وإعادة النفوذ

الاختبار الحقيقي لهذه اللجنة سيظهر في قدرتها على مواجهة التحديات الاقتصادية الكبرى مثل التضخم والبطالة وضعف الاستثمارات. فإذا نجحت في تقديم حلول ملموسة، فقد تمنح التشكيلة الجديدة نفسها شرعية شعبية رغم الجدل القائم. أما إذا فشلت، فسوف يُنظر إليها على أنها مجرد خطوة لإعادة توزيع النفوذ داخل الدولة، بعيدًا عن الإصلاح الاقتصادي الحقيقي.

اقرأ أيضاً:زيادة الرواتب بنسبة 200% في سوريا تُشعل الأسعار وتثير جدلاً حول آثارها المعيشية

اقرأ أيضاً:فوضى الأسعار في سوريا تتفاقم مع اقتصاد السوق الحر

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.