الاحتلال الإسرائيلي يعزز نفوذه في ريف دمشق مستغلاً غياب الدولة
تعمل “إسرائيل“ بوتيرة متسارعة على فرض واقع جديد في القرى السورية الدرزية الواقعة على سفح جبل الشيخ، مستغلة الفراغ السياسي والأمني في الجنوب السوري بعد انهيار النظام السابق. ويترافق هذا التحرك مع ما تصفه تل أبيب بـ”مساعدات إنسانية”، وسط غياب واضح لمؤسسات الدولة السورية، وغياب أي رقابة على التحركات العسكرية الإسرائيلية في مناطق تقع داخل محافظتي القنيطرة وريف دمشق.
إقرأ أيضاً: مستوطنون إسرائيليون يحاولون التسلل إلى سوريا لإنشاء بؤرة استيطانية
قضم تدريجي للقرى الدرزية جنوب سوريا
بحسب مصادر محلية، أصبح لـ “الجيش الإسرائيلي“ حضور واسع داخل قرى سورية مثل حضر ريف القنيطرة، عرنة، ريمة، بقعسم وقلعة جندل بريف دمشق، وجميعها تقع على سفوح جبل الشيخ، بالقرب من الحدود مع الجولان المحتل. هذه القرى باتت اليوم معزولة عن باقي المناطق السورية، وتعتمد بشكل شبه كلي على الخدمات والمساعدات الإسرائيلية.
وكشفت المصادر لـ”العربي الجديد” أن عناصر من الكتيبة الدرزية (299) في جيش الاحتلال، يدخلون بانتظام إلى هذه القرى، مستغلين العلاقات العائلية والفراغ الإداري السوري.
تحركات عسكرية إسرائيلية مكثّفة وتوسّع في جبل الشيخ
منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، كثّف “الجيش الإسرائيلي“ تواجده على جبل الشيخ، وأقام نقاط مراقبة متقدمة داخل الأراضي السورية، بما في ذلك منشأة طبية ميدانية في قرية حضر. وتؤكد مصادر عسكرية أن الاحتلال الإسرائيلي بات يسيطر فعليًا على كامل جبل الشيخ وسفحه، الذي يتمتع بأهمية استراتيجية عالية في عمليات الرصد والمراقبة العسكرية.
ويقول العميد والمحلل العسكري عبد الله الأسعد لـ “العربي الجديد” إن “هدف جيش الاحتلال السيطرة النارية على المناطق المحيطة بالقرى الدرزية في ريفي دمشق والقنيطرة”، مضيفاً: “يريد الاحتلال تأمين طرق مفتوحة لجيشه ما بين هضبة الجولان المحتلة والقرى الدرزية في داخل سوريا“. وبيّن أن جبل الشيخ وسفحه “لهما أهمية تكتيكية من الناحية العسكرية وخصوصاً لجهة الرصد في داخل سورية”.
وتشير المعطيات الميدانية إلى أن لدى “إسرائيل“ خططاً للبقاء في جنوب غرب سوريا طويلاً، واحتلال المزيد من الأراضي في عمقه، للحيلولة دون عودة الجيش السوري بسلاحه الثقيل إلى الجنوب السوري بمجمله.
سياسة “حماية الدروز” غطاء لتدخلات أعمق
ترى “تل أبيب“ في ذريعة “حماية الدروز” بوابة لتوسيع تدخلها في النسيج الوطني السوري، وهو ما يربطه المراقبون بما يجري أيضاً في محافظة السويداء، ذات الغالبية الدرزية. ويرى الخبير السياسي (المتحدر من الجولان السوري المحتل) حازم نهار في حديثه لـ “العربي الجديد” أن الاحتلال الإسرائيلي يستغل غياب الدولة وضعف المؤسسات لبناء نفوذ دائم، مشيرًا إلى أن السيطرة الإسرائيلية على جبل الشيخ تمثل خرقًا خطيرًا للسيادة السورية وانتهاكًا للقانون الدولي.
أخطاء الحكومة السورية فاقمت الأزمة
يشير نهار إلى أن الحكومة السورية الجديدة اختارت الخيار الأمني القمعي في السويداء بدلاً من الانفتاح السياسي، ما زاد التوتر وأضعف فرص مواجهة التدخلات الخارجية. ويقترح نهار حلًا سياسيًا شاملاً على المستوى الوطني، يشمل رفع الحصار عن السويداء، ومحاكمة المتورطين في الانتهاكات، والمضي نحو مصالحة وطنية حقيقية تضمن الحقوق وتؤسس لمرحلة انتقالية متماسكة.
تحذيرات من تقسيم وتهديدات للهوية السورية
من جهته، يرى الباحث السياسي محمد صبرا (يتحدر من الجولان المحتل) أن “إسرائيل“ تستغل انهيار الدولة السورية لتكريس واقع جديد في جنوب غرب سوريا، وتحاول تغيير ما نصّت عليه اتفاقية فك الاشتباك لعام 1974. وأضاف أن ما يحدث اليوم يشكل امتدادًا للعدوان الإسرائيلي المستمر منذ عام 1948، ويهدف إلى تمزيق سوريا جغرافيًا وديموغرافيًا.
ويضيف صبرا: “من المهم اليوم أن يحافظ السوريون على موقفهم الموحد الرافض للسياسات العدوانية الإسرائيلية والرافض لتمزيق سورية بما يخدم مصالح واستراتيجيات العدو”.
إقرأ أيضاً: ما وراء طلب إسرائيل فتح ممر إنساني مباشر إلى السويداء؟
إقرأ أيضاً: هل إسرائيل تستخدم حجة الأقليات كحصان طروادة ضد الحكومة السورية