كيف تُصادر أملاك السوريين باسم “الأمن” و”التنمية”؟

تشهد مناطق متعددة في سوريا، خاصة في ريف حمص وحماة وطرطوس، موجة استيلاء منظمة على منازل وأراضٍ زراعية ومنشآت اقتصادية، تنفذها جهات تابعة لأجهزة الأمن السورية الجديدة، تحت ذرائع مختلفة أبرزها “التفتيش”، “تأمين المناطق”، أو عبر أدوات استثمارية ظاهرها اقتصادي، وباطنها تهجير قسري واستغلال ممنهج، وسط غياب شبه تام لأي رقابة قانونية أو توثيق رسمي لهذه الإجراءات.

إقرأ أيضاً: الفوعة بلدة سورية بين التهجير والتملّك المؤقت

ريف حمص: تفتيش يتحول إلى استيلاء

في ريف حمص الشرقي، أفاد السكان المحليون لموقع “يورونيوز” بوقوع عشرات حالات الاستيلاء على منازل مهجورة أو مأهولة عبر التوكيل أو الإيجار، حيث تدخل عناصر الأمن إلى القرى، وتطلب مفاتيح المنازل بحجة التأمين، ثم تتحول هذه الطلبات إلى طرد قسري للسكان، وفرض سيطرة مباشرة على العقارات.

إحدى المواطنات تحت اسم مستعار “سيدرة” قالت ليورونيوز إنها اضطرت لدفع مبلغ مالي سُمّي بـ”الدية” لتفادي مصادرة منزلها، بعد أن أبلغها عناصر الأمن أن “المنزل لم يعد ملكك”.

وفي حالة مشابهة، طُردت “عليا”، المقيمة في منزل أحد أقاربها بتكليف رسمي، من المنزل، بذريعة عدم وجود عقد إيجار، رغم نفي المالك المقيم في الخارج لأي علم أو شكوى رسمية.

مختار محلي: ما يجري بلطجة منظمة لتغيير التركيبة السكانية

صرّح مختار إحدى القرى ليورونيوز أن ما يحدث هو بلطجة منظمة تهدف إلى تغيير التركيبة السكانية، من خلال الضغط على العائلات، ومنعها من الوصول إلى أراضيها، واتهامها بـ”الولاء للنظام” أو “التشبيح”، ما يبرر الاستيلاء على أملاكها الخاصة.

حماة: مصادرة أراضٍ مزروعة بالفستق والزيتون عبر شركات وهمية

في ريف حماة، اتسع نطاق الاستيلاء ليشمل أراضٍ زراعية مملوكة للمهجّرين، خصوصًا في قرى مثل الشهيب، كاسون، معان، والشيحة. وبحسب تقارير المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن مجموعات محلية مسلحة، بالتنسيق مع “اللجنة الاقتصادية” في المحافظة، بدأت بمصادرة هذه الأراضي تحت تهديد الإتاوات، أو الادعاء بوجود أسلحة غير مصرح بها، وتُقدّر نسبة القرى المهجرة في الريف الشرقي بـ99%، وفق تقديرات محلية.

وظهرت شركة تُدعى “اكتفاء للاستثمار الزراعي” كواجهة قانونية لهذه العمليات، بالتعاون مع المكتب الاقتصادي لمحافظة حماة، حيث تُفرض عقود “استثمار” على المزارعين، تسلبهم السيطرة الفعلية على أراضيهم، وإلا يُمنعون من دخولها، وتُسلّم إلى طرف آخر.

طرطوس: السيطرة على منتجع “هوليدي بيتش” ضمن حملة تطهير اقتصادي وديني

امتدت حملة الاستيلاء إلى الساحل السوري، حيث شهد منتجع هوليدي بيتش في طرطوس عملية مداهمة مسلحة في 13 آب 2025، نفذتها مجموعة مرتبطة بثلاثة مشايخ محسوبين على الحكومة في دمشق.

ووفق مصادر محلية، تم طرد المالك وطاقم الإدارة، وإقالة مدراء من الطائفة العلوية، وإيقاف تقديم المشروبات الروحية، في خطوة وُصفت بأنها “تطهير ديني وإداري”، يهدف إلى إعادة تشكيل الهيكلية الاقتصادية للمؤسسات السياحية.

الاستيلاء دون وثائق.. والضحايا بلا حماية

ما يميز هذه الحالات، بحسب الشهادات، هو انعدام أي وثائق رسمية أو قرارات قانونية تُبرر عمليات السيطرة على العقارات، إلى جانب استخدام أدوات ضغط دينية ومحلية عبر “شيوخ” و”لجان أمنية”، مما يجعل التفاوض مستحيلاً، ويدفع الأهالي إلى دفع المال أو القبول بالإخلاء القسري.

الأثر الاقتصادي والاجتماعي

تُسهم هذه العمليات في زيادة التهجير الداخلي، وتفاقم الأزمة العقارية، وتعميق الانقسام الطائفي والمناطقي، إذ تُسلَّم العقارات المصادرة غالباً إلى جهات أو أفراد محسوبين على السلطة أو مرتبطين بالأجهزة الأمنية، ما يحوّل “الاستثمار” إلى أداة للابتزاز والاستحواذ السياسي.

إقرأ أيضاً: اللجنة الاقتصادية في حماة متهمة بتهجير قرى علوية والاستيلاء على ممتلكاتها

إقرأ أيضاً: قوات الأمن تنفذ إخلاءً قسرياً لقرية كفر عقيد في سهل الغاب بريف حماة

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.