جدل واسع حول تجنيس المقاتلين الأجانب في سوريا.. نفي رسمي ووقائع متضاربة

هل سوريا الجديدة ستكون وطناً لكل أبنائها، أم مجرد غنيمة للفائزين؟

أثار ملف تجنيس المقاتلين الأجانب في سوريا جدلاً واسعاً، بعد تقرير لوكالة “رويترز” أفاد بأن عدداً من هؤلاء المقاتلين قدموا التماساً رسمياً للحكومة الجديدة مطالبين بمنحهم الجنسية السورية.

وعلى النقيض من ذلك، نفى مسؤولون في وزارة الداخلية السورية بشكل قاطع هذه التقارير، واصفين إياها بـ”محض كذب وافتراء”.

نفي رسمي ووقائع متضاربة:

في تصريح لـ”إرم نيوز”، أكد مدير العلاقات العامة في وزارة الداخلية السورية مصطفى أبو أحمد عدم تجنيس أي من المقاتلين الأجانب.

بينما أوضح المتحدث باسم الوزارة نور الدين البابا أن منح الجنسية يتم فقط بمرسوم رئاسي أو بقرار من مجلس الشعب، وأن دور الوزارة تنفيذي.

وفي المقابل، نقلت وكالة “رويترز” عن الكاتب الأمريكي بلال عبد الكريم، الذي يقيم في سوريا منذ عام 2012، أنه قدّم رسالة إلى وزارة الداخلية تطالب بمنح الجنسية للمقاتلين الأجانب، بهدف تمكينهم من الاستقرار وتملك الأراضي والسفر.

وأعرب المقاتلون في الرسالة عن أسفهم لوضعهم “الغامض” رغم “تقاسمهم الخبز والحزن” من أجل سوريا.

وفي سياق متصل، أكد مصدر مطلع لـ”إرم نيوز” أن عملية التجنيس “مفتوحة بالفعل”، لكن بشروط لم يقبلها البعض، مثل الحصول على هويات بأسماء مقاتلين قُتلوا.

كما أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن عمليات تجنيس الأجانب مستمرة منذ شهرين، بمعدل يتراوح بين 30 و50 شخصاً يومياً.

أبعاد التجنيس من الناحية السياسية ورمزية ما تمثله هذه الخطوة:

يرى الكاتب والباحث السياسي السوري مازن بلال أن المطالبة بالجنسية ليست مجرد إجراء قانوني، بل خطوة سياسية ورمزية عميقة.

فالمقاتلون الأجانب يسعون لتثبيت مكانتهم كـ”مواطنين” وليسوا “ضيوفاً مؤقتين”، وهو ما يعكس رغبة في الانتقال من حالة “الجهادي الغريب” إلى صفة “المواطن”.

ويحذر بلال من أن قبول هذا الطلب قد يعيد رسم حدود الهوية السورية على أساس الانتماء العقائدي بدلاً من المواطنة التقليدية.

  • داخلياً، يثير هذا التوجه حفيظة السوريين الذين عانوا من التطرف.
  • وخارجياً، يضع النظام الجديد في موقف حرج، خاصة مع استمرار تصنيف هيئة تحرير الشام ككيان “إرهابي” من قبل الدول الغربية.

تساؤلات قانونية ومخاوف مجتمعية:

من الناحية القانونية، تشير المحامية السورية ريما أوشو إلى أن غياب المؤسسات الدستورية المستقرة يجعل من هذا القرار مسألة خلافية.

وتتساءل أوشو عن مدى جواز منح الجنسية لأفراد دخلوا البلاد بطرق غير قانونية وانخرطوا في جماعات مصنفة على قوائم الإرهاب، في ظل انقسامات المجتمع السوري.

وتنتقد أوشو ما وصفته بـ”الازدواجية في تطبيق القانون”، حيث قد يتم منح الجنسية لمقاتلين بينما يُعامل الفلسطينيون السوريون، الذين ولدوا وتربوا في البلاد، كأجانب.

وتؤكد أن “الجنسية ليست مجرد وثيقة، بل هي عقد اجتماعي يتضمن حقوقاً وواجبات”.

تُقدم التجربة البوسنية نموذجاً يمكن القياس عليه في الحالة السورية، حيث شهدت البوسنة تدفقاً للمقاتلين الأجانب خلال الحرب الأهلية.

وفي البداية، منحت السلطات الجنسية للبعض، لكنها سرعان ما تراجعت عن هذه الخطوة تحت ضغط دولي،

وأطلقت حملة واسعة لسحب الجنسية ممن حصلوا عليها بطرق غير قانونية، مما أدى إلى أزمة قانونية وإنسانية معقدة.

يُمثل ملف تجنيس المقاتلين الأجانب لحظة فاصلة بالنسبة للسلطة التي تقودها هيئة تحرير الشام.

 

إقرأ أيضاً: دمشق تعد خطة لترحيل المقاتلين الأجانب: ملف حرج يعرقل تطبيع سوريا وأمن المنطقة

إقرأ أيضاً: الحزب الإسلامي التركستاني في سوريا: من الجهاد إلى التكيّف العسكري

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.