العلاقات السورية الصينية: لقاء رفيع في دمشق وسط خلافات حول ملف الأمن وإعادة الإعمار

تشهد العلاقات السورية الصينية تطورًا، حيث تسعى دمشق وبكين إلى تعزيز التعاون في مجالات متعددة، أبرزها الاقتصاد، إعادة الإعمار، والطاقة.

وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، عقد اجتماعًا مع السفير الصيني لدى دمشق، شي هونغ وي، يوم الأحد الماضي، في أحدث محاولة لتعزيز العلاقات الثنائية بين سوريا والصين، في ظل تعقيدات متزايدة تحيط بملف دمج المسلحين الأجانب في القوات الأمنية السورية، وهي خطوة تتحفظ عليها بكين بشدة.

وناقش الجانبان ناقشا “التطورات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وسبل تعزيز التعاون الثنائي”.

خلفية التوتر: تحفظات صينية على دمج المسلحين الأجانب

وفق تقرير لموقع “المونيتور”، فإن العلاقات بين دمشق وبكين لا تزال تمرّ بمرحلة حذرة، إذ تخشى الصين أن يؤدي دمج المقاتلين الأجانب، الذين شاركوا في المعارك الأخيرة إلى جانب دمشق، إلى اضطرابات أمنية تهدد استقرار سوريا وتنعكس على الأمن القومي الصيني.

وتسعى الحكومة السورية، من جهتها، إلى الحفاظ على ولاء هؤلاء المقاتلين، وتجنب أي قرارات قد تدفعهم نحو التمرّد أو التخلّي عن العملية الانتقالية الجارية، مما يجعل إيجاد حل وسط أمرًا معقدًا للغاية.

لقاءات متكررة… دون اختراق حقيقي

الاجتماع الأخير ليس الأول من نوعه، فقد سبق أن استضاف الشيباني وفدًا صينيًا برئاسة هونغ وي في مارس/آذار 2025، بينما التقى السفير الصيني أيضًا بـرئيس المرحلة الانتقالية السورية أحمد الشرع في فبراير من العام ذاته.

ورغم هذه اللقاءات المتكررة، لم يتحقق أي تقدم ملموس على صعيد الاتفاقات الاقتصادية أو الأمنية، ما يشير إلى جمود نسبي في العلاقات.

الصين تنتظر وضوحًا في السياسة السورية

تُقدّر تكلفة إعادة إعمار سوريا بما يتجاوز 400 مليار دولار، وقد أبدت الصين اهتمامًا بالمشاركة في هذه العملية، لكنّها تتبنّى موقف الانتظار والترقب، بسبب الضغوط الغربية والمخاوف الأمنية المرتبطة بتكوين وهيكلية الجيش والأمن في سوريا الجديدة.

طريقتان لتدفق الاستثمارات الصينية:

وفق جيسي ماركس، الرئيس التنفيذي لشركة “رحلة للأبحاث والاستشارات”، هناك مساران محتملان لتدفق رأس المال الصيني إلى سوريا:

1- شركات خاصة ورواد أعمال صينيون

2- رأس مال حكومي مباشر، والذي قد يُفضي إلى صفقات استراتيجية كبرى

لكن ماركس يشير إلى أن الصين لن تُقدم على تمويل مشاريع كبرى ما لم تظهر السلطات السورية استعدادًا للاستجابة لمطالب بكين الأمنية والسياسية، خصوصًا فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب وضبط القوات المحلية.

الأمن القومي أولًا: الصين تضع شروطًا للمشاركة

رغم القدرة المالية الكبيرة للصين، فإنها لا تزال مترددة في الدخول بقوة إلى السوق السورية. ويرى ماركس أن الاستقرار الأمني وتحديد الحد الأدنى المقبول من التنازلات بين الطرفين ما يزالان شرطًا أساسيًا لبدء شراكة فاعلة.

ويضيف ماركس أن الصين تسعى لمواصلة الحوار مع دمشق من دون اتخاذ خطوات ملموسة، إلى أن تتضح مواقف السلطات السورية الجديدة بشأن ملفات الأمن القومي ومشاركة المسلحين السابقين في مؤسسات الدولة.

إقرأ أيضاً: فيتو صيني يهدد مساعي واشنطن لرفع العقوبات عن الشرع

إقرأ أيضاً: صحيفة بريطانية: ثلاث قوى عظمى تتنافس على النفوذ في سوريا ما بعد الأسد

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.