أزمة السويداء: هل تسهم إدارة دمشق في تحقيق أهداف “إسرائيل” ؟

تثير التطورات المتسارعة في محافظة السويداء جنوبي سوريا تساؤلات جدية حول الطريقة التي أدارت بها حكومة دمشق هذه الأزمة، وما إذا كانت تلك السياسات قد ساهمت، بشكل مباشر أو غير مباشر، في تقاطع خطير مع الرؤية الإسرائيلية المعلنة بشأن تفكيك سوريا.

فقد سبق لمسؤولين إسرائيليين أن تحدثوا صراحة عن رغبة “اسرائيل” في تقسيم سوريا إلى كيانات منفصلة، وحددوا في تصريحات وخرائط منشورة أن محافظة السويداء ستكون نقطة الانطلاق لهذا المشروع. ويأتي هذا الطرح “الإسرائيلي” بالتزامن مع تصاعد التوترات في السويداء، في ظل تصعيد متبادل بين السلطات المحلية في المحافظة والحكومة المركزية في دمشق.

ورغم محاولات متكررة لنزع فتيل الأزمة، تتهم أطراف محلية إدارة دمشق بأنها منحت شرعية الأمر الواقع للشيخ حكمت الهجري، الزعيم الروحي الأبرز للطائفة الدرزية، بعد فشلها في احتواء حراك السويداء المدني. وبدلاً من الحوار، لجأت الحكومة إلى سياسات أمنية، مما ساهم في تصعيد المواجهة، وإفساح المجال لبروز المجلس العسكري كقوة أمنية مهيمنة في المنطقة.

وتشير تقارير ميدانية إلى أن الهجري رفض مبادرات التفاوض مع الحكومة السورية المؤقتة، ووصفها بـ”التكفيرية”، كما رفض التعامل مع دمشق، ما أفشل أي محاولة لإيجاد تسوية سلمية. وفي هذا السياق، تحدثت مصادر عن دعم غير مباشر تلقاه الهجري من “قسد”، في ظل رغبة الإدارة الذاتية الكردية في تحويل الأنظار عن ضغوط واشنطن المطالبة بدمجها في مؤسسات الدولة السورية.

تُتهم إدارة دمشق أيضاً بتجاهل التحذيرات من انعكاسات هذه السياسات على وحدة البلاد، خاصة بعد التوترات المرتبطة بتهجير البدو من السويداء، في خطوة أثارت مخاوف من عمليات تغيير ديمغرافي قد تسبق سيناريوهات تقسيم فعلي.

وبينما تزداد المؤشرات على نشوء مراكز قرار محلية مستقلة عن الدولة، يحذّر مراقبون من أن ما يحدث في السويداء قد يتحوّل إلى “نموذج محتمل” لتقسيم البلاد على أسس طائفية، شبيهاً بتجربة تفكيك يوغسلافيا في تسعينيات القرن الماضي. وتزيد المخاوف في ظل استمرار “الفيتو” الإسرائيلي غير المعلن الذي يمنع انتشار الجيش السوري في جنوب البلاد.

ويرى متابعون أن ما فاقم المأزق هو توقيت إعلان تشكيل الحكومة الجديدة في دمشق وإصدار الإعلان الدستوري، دون مشاورات وطنية شاملة، ما دفع العديد من المكونات السورية إلى اعتبار هذه الخطوات محاولة لاحتكار القرار السياسي في مرحلة انتقالية يفترض أن تكون تشاركية.

في ضوء هذه الوقائع، تبرز الحاجة إلى مراجعة شاملة في كيفية إدارة الملف السوري، خاصة أن استمرار هذا النهج قد يخدم، من حيث لا يُقصد، الاستراتيجيات الإقليمية والدولية الهادفة إلى تقويض وحدة سوريا وإعادة رسم خريطتها الجغرافية والسياسية.

إقرأ أيضاً:الحكومة السورية تعلق على حصار السويداء

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.