هل “إسرائيل” تستخدم حجة الأقليات كحصان طروادة ضد الحكومة السورية

سلّط تقرير نشره موقع ميدل إيست آي البريطاني الضوء على الغارات الجوية للاحتلال الاسرائيلي الأخيرة التي استهدفت مواقع في العاصمة دمشق ومحافظة السويداء، واصفًا إياها بأنها “الأوسع من حيث النطاق والأهداف” منذ بداية العام. وأشار التقرير إلى أن “إسرائيل” برّرت تلك الضربات بـ”حماية الطائفة الدرزية”، في وقت يشهد الجنوب السوري تصاعدًا في التوترات بين فصائل محلية وعشائر بدوية، وتعمل الحكومة السورية الجديدة على إعادة بسط سلطتها في مختلف المناطق.

ورأى التقرير أن الغارات تأتي في سياق أوسع من مجرد الرد العسكري، معتبرًا أن “إسرائيل” تستخدم الأقليات في المنطقة – ومنها الدروز – كجزء من استراتيجية تهدف إلى زعزعة استقرار سوريا وتعزيز الانقسامات الطائفية والعرقية، بما يخدم أهدافًا إقليمية طويلة المدى.

رسائل سياسية وراء الغارات؟

بحسب ميدل إيست آي، فإن الضربات الإسرائيلية استهدفت مواقع عسكرية وأخرى مدنية، وتم الترويج لها بوصفها “إجراء دفاعيًا”. غير أن التقرير أشار إلى ما اعتبره “تناقضًا في الخطاب”، في ظل استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، والتي طالت سكانًا من مختلف الطوائف، بما فيهم المسيحيون.

وبينما تنفي الحكومة السورية وجود أي محادثات مباشرة مع “إسرائيل”، كان بعض المحللين قد ألمحوا في وقت سابق إلى احتمال وجود قنوات تواصل غير معلنة، وهو ما نفاه الرئيس السوري أحمد الشرع علنًا، مؤكدًا تمسك بلاده بسيادتها ورفضها للتطبيع قبل الانسحاب من الجولان المحتل.

تحركات داخلية مثيرة للجدل

أشار التقرير إلى دور بعض الفصائل المحلية، لا سيما في محافظة السويداء، وذكر بالاسم الزعيم الديني حكمت الهجري، الذي تحوّل منذ نهاية عام 2024 إلى شخصية معارضة للحكومة الجديدة. ويُقال إن الهجري يدير مجلسًا عسكريًا يضم ضباطًا سابقين ويُطالب بفتح ممر بري يربط الجنوب السوري بشرق البلاد مرورًا بقاعدة التنف الأميركية، وهي مطالب أثارت ردود فعل متباينة، لا سيما في تركيا.

وأضاف التقرير أن بعض هذه الفصائل، وفقًا لمصادره، تلقى دعمًا غير مباشر من إسرائيل أو ترتبط بعلاقات مع وحدات حماية الشعب الكردية، ما يزيد تعقيد المشهد الجيوسياسي في المنطقة.

تركيا تحذّر من تقسيم سوريا

التقرير لفت إلى تصريحات للرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي وصف الضربات الإسرائيلية بأنها تهديد لوحدة سوريا، مؤكدًا رفض بلاده لأي مسعى لتقسيمها على أسس عرقية أو طائفية. ورغم ذلك، يشير ميدل إيست آي إلى أن أنقرة اختارت التعامل مع الوضع بحذر، متجنبة التصعيد المباشر، في ظل ظروف داخلية واقتصادية حساسة.

استراتيجيات الرد السوري

في ظل غياب خيار المواجهة المباشرة، يرى التقرير أن الحكومة السورية قد تلجأ إلى تعزيز تحالفاتها الإقليمية، خصوصًا مع تركيا والسعودية وبعض الدول العربية، بهدف تقليص التأثير الإسرائيلي دون الانجرار إلى صراع مفتوح. كما أشار إلى أهمية التركيز على وحدة الصف الداخلي وعزل الفصائل المسلحة غير المنضوية تحت مظلة الدولة.

ودعا التقرير إلى التفكير في مقاربات جديدة لزيادة كلفة أي عمل عدائي على إسرائيل، منها التعاون الأمني والعسكري الإقليمي، وإعادة ضبط العلاقة مع المكونات المحلية.

احتمالات التصعيد شرقي سوريا

واختتم التقرير بالإشارة إلى أن وحدات حماية الشعب، التي تشكّل العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية، لا تزال ترفض تسليم سلاحها، وسط اتهامات بوجود دعم إسرائيلي لها. واعتبر أن فشل الجهود السياسية لحل هذا الملف قد يدفع الحكومة السورية إلى التفكير بخيارات أخرى، بما فيها الحل العسكري.

وفي المقابل، فإن نجاح دمشق في استعادة السيطرة الكاملة على هذه المناطق، بحسب التقرير، سيعني تراجع نفوذ خصومها الإقليميين، وتقليص قدرة إسرائيل على استثمار “حصان طروادة الطائفي” – كما وصفه التقرير – في مشروعها الإقليمي.

إقرأ أيضاً:الحكومة السورية تعلق على حصار السويداء

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.