خلافات وتحفظات تعيق استعادة العلاقات الدبلوماسية بين سوريا وبريطانيا

على الرغم من الإعلان الرسمي عن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين سوريا وبريطانيا، لا تزال هذه العملية تواجه تأخيرات كبيرة بسبب خلافات وتحفظات من الجانبين، نشرت صحيفة “ذا ناشيونال” الإماراتية تقريراً يسلط الضوء على استمرار إغلاق سفارتي البلدين، وسط انتقادات لتردد بريطاني وعقبات لوجستية وسياسية تعرقل التنفيذ.

تثير الخطوات التنفيذية البطيئة، مثل عدم تبادل السفراء أو إعادة فتح السفارات، شكوكاً حول نوايا لندن، خاصة مع تقارير تشير إلى اعتمادها الزائد على القنوات الخلفية وترددها في التعامل المباشر مع الحكومة السورية، في الوقت الذي تتقدم فيه دول أخرى بخطى أسرع نحو دمشق. فعلى سبيل المثال، لا تزال السفارة السورية في لندن مهجورة منذ عام 2012، وتظهر عليها علامات الإهمال، ورغم زيارة وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي الأولى إلى دمشق ولقائه بالرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، لم يتم تبادل السفراء بعد.

تردد بريطاني وغياب قرار واضح

يحذر مراقبون من أن بريطانيا تتأرجح بين رغبتها في التأثير على مسار المرحلة الانتقالية في سوريا وبين الحفاظ على مسافة سياسية من الحكومة الجديدة.

فبينما كانت لندن أول من رفع العقوبات عن سوريا في مارس/آذار الماضي، سبقت بذلك الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، إلا أنها تراجعت في وتيرة الانفتاح مقارنة بفرنسا التي استضافت الرئيس السوري الانتقالي في باريس في مايو/أيار الماضي.

ويرى حايد حايد، الباحث في معهد “تشاتام هاوس”، أن العلاقة لم تتحسن كما حدث مع دول أخرى، مشيراً إلى عدم زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للندن خلال جولته الأوروبية هذا العام.

 عقبات لوجستية وتخوفات أمنية

نقلت “ذا ناشيونال” عن مصادر أن جزءاً من التأخير يرتبط باعتبارات لوجستية، حيث يتطلب مقر إقامة السفارة البريطانية في دمشق، المهجور منذ عام 2012، ترميمات كبيرة، كما أشار السفير البريطاني السابق في سوريا، جون جينكنز، إلى عوامل أمنية، أبرزها الاقتتال الطائفي في سوريا، مثل أحداث الساحل السوري في مارس/آذار والصدامات الأخيرة في السويداء، مما يزيد من حذر العواصم الغربية، خاصة إسرائيل والولايات المتحدة.

آن سنو: دبلوماسية الواجهة الخلفية

تبرز آن سنو، الممثلة الخاصة للمملكة المتحدة في سوريا، كشخصية فاعلة في الملف السوري. فقد كانت أول دبلوماسية غربية تزور دمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وينسب لها الكثيرون الفضل في إقناع الوزراء البريطانيين برفع العقوبات، بفضل علاقاتها الواسعة داخل دمشق وزياراتها المنتظمة التي ضمنت استمرار الحوار.

وقد سبق لها أن أدارت برامج المساعدات البريطانية في شمال غربي سوريا عندما كانت المنطقة خاضعة لفصائل معارضة، كما تشارك سنو في لقاءات مع الجالية السورية في لندن، الذين يُستعان ببعضهم لدعم الإدارة الانتقالية في سوريا.

دور مؤسسة “إنتر ميديت” والانتقادات البرلمانية

كشفت “ذا ناشيونال” أن مؤسسة “إنتر ميديت” البريطانية، المتخصصة في الوساطة، كانت القناة الخلفية للمفاوضات مع الحكومة الانتقالية في سوريا منذ عام 2015. وقد تعرضت المؤسسة لانتقادات برلمانية بسبب طابعها “السري”، حيث رفض الوزراء البريطانيون الإفصاح عن تفاصيل لقاءاتها بدعوى أنها “نقاشات خاصة”، وهو ما اعتبره النائب المحافظ أليكس بورغارت “انتهاكاً لمبدأ الشفافية”. وكان مؤسس “إنتر ميديت” والرئيس التنفيذي السابق، جوناثان باول، قد التقى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في منتدى دافوس مطلع العام الجاري، بصفته غير الرسمية، قبل أن يُعين مستشاراً للأمن القومي البريطاني في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

 بريطانيون سوريون يطالبون بفتح السفارات

وسط هذا الجمود، تعاني الجالية السورية في بريطانيا من غياب القنوات الرسمية، تشير المعمارية السورية المقيمة في لندن، رنيم الوير، التي فرت من حمص عام 2012، إلى أن إعادة فتح السفارة السورية في لندن “أمر ضروري جداً”.

وتسعى الوير وشقيقتها لتصديق شهاداتهما البريطانية في سوريا للعودة والعمل هناك، لكن بسبب غياب السفارة، اضطرتا لإرسال وثائقهما إلى باريس، حيث فُقدت لاحقاً.

وتلفت الوير، التي تقدم حالياً المشورة للحكومة السورية حول إدماج الذكاء الاصطناعي في الإدارة العامة، إلى أن وجود بعثة دبلوماسية بريطانية في دمشق “ضروري لضمان الحماية القانونية للمواطنين البريطانيين الذين يشاركون في إعادة إعمار سوريا”.

 

اقرأ أيضاً: خسائر استراتيجية فادحة: صالح الحموي يكشف ما خسره أحمد الشرع بعد انتفاضة السويداء

اقرأ أيضاً: هل انتهى شهر العسل بين دمشق وواشنطن؟

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.