رويترز: فيديوهات مرعبة توثق إعدامات جماعية في السويداء على يد مسلحين بزي عسكري
كشفت وكالة “رويترز” في تقرير جديد لها عن توثيق مصور لجرائم إعدام ميدانية نفذها مسلحون بزي عسكري بحق 12 مدنيًا أعزلاً من الطائفة الدرزية في محافظة السويداء، منتصف يوليو الجاري. ووفقًا لما ورد، فإن القتلة قاموا بتصوير عمليات القتل بأنفسهم أو بمساعدة مرافقين، ونشروا المقاطع لاحقًا على وسائل التواصل الاجتماعي.
إقرأ أيضاً: خسائر استراتيجية فادحة: صالح الحموي يكشف ما خسره أحمد الشرع بعد انتفاضة السويداء
إعدامات درزية موثقة بالصوت والصورة
وفق ما تحقق منه فريق “رويترز”، تظهر ثلاثة مقاطع فيديو قيام مسلحين بإعدام مدنيين عزّل بطريقة وحشية، في مشاهد تقشعر لها الأبدان.
في الفيديو الأول، أشهر مسلحون يرتدون زيا عسكريا بنادقهم نحو 3 رجال عزل واقتادوهم إلى شرفة المبنى، قبل أن يصيحوا عليهم ليتوقفوا، حيث استوقف أحد المهاجمين زميله وسأله: “هل تريد تصويرهم؟”.
وتأجل الرعب الذي يقطع الأنفاس، والذي كان يصوره بالفعل مسلح آخر على هاتفه المحمول، للحظات قليلة لإتاحة المجال لمسلح ثان بالبدء في التصوير، بحسب تقرير “رويترز“.
بعد ذلك صرخ المسلحون في وجه ضحاياهم من أبناء الأقلية الدرزية: “ياللا.. زت حالك”، وأطلق مسلحان النار على الرجال واحدا تلو الآخر أثناء تسلقهم سور الشرفة قبل أن تتساقط جثثهم في الشارع، وفقا للقطات متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي وراجعتها “رويترز”.
وقال صديق للعائلة وأحد أقاربهم للوكالة البريطانية، إن “الضحايا هم معاذ عرنوس وشقيقه براء عرنوس وابن عمهما أسامة عرنوس، والفيديو يصور مقتل الثلاثة في منزلهم بمدينة السويداء في 16 يوليو الحالي”.
ووفقا للقطات لعمليات قتل صورها القتلة أنفسهم أو أشخاص رافقوهم وتحققت منها “رويترز”، فإن هؤلاء 3 من بين 12 قتلوا بطريقة تشبه الإعدام لمدنيين دروز عزل نفذها مسلحون يرتدون زيا عسكريا في 3 مواقع في السويداء ومحيطها هذا الشهر.
في مقطع آخر، تم إعدام حارس بئر مياه منير الرجمة (60 عامًا)، بعد أن أبلغ المسلحين بانتمائه للطائفة الدرزية، في بلدة ثعلة قرب السويداء. كما أظهر مقطع ثالث إعدام 8 مدنيين دروز، بينهم حسام سرايا، وهو سوري أمريكي الجنسية، بعد إجبارهم على الركوع في الشارع.
التحقق من المواقع والتواريخ
استخدمت “رويترز” تقنيات تحديد الموقع الجغرافي لمقاطع الفيديو، من خلال مقارنة اللافتات والمعالم البصرية بالصور الجوية، وأكدت صحتها عبر مقابلات مع سبعة من أقارب وأصدقاء الضحايا، الذين أشاروا إلى مسؤولية قوات الحكومة الانتقالية أو مجموعات مرتبطة بها عن عمليات القتل.
وفيما يخص الفيديو الذي يوثق إعدام 8 دروز عزّل، فإنه واستنادا إلى لافتات المتاجر وتخطيط الطريق، حددت “رويترز” الشارع بأنه يقع غرب ساحة تشرين مباشرة في قلب مدينة السويداء.
وقالت الوكالة، إن “العلامة الوحيدة الظاهرة على الزي العسكري هي رقعة سوداء صغيرة على الذراع اليمنى لأحد المقاتلين تحمل شهادة الولاء، بتصميم روّج له تنظيم داعش (…) كما شاهد مراسلو رويترز بعض الجنود عند نقاط تفتيش في مناطق حكومية يرتدونها”.
ولم ترد كل من وزارتي الدفاع والداخلية السوريتين، على أسئلة بشأن ما إذا كانت قواتهما ترتدي هذه الشارات، ولم يذكر تنظيم “داعش”، السويداء في أي من منشوراته على قنوات الدعاية الخاصة به على وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك الفترة التي أعقبت 13 يوليو الجاري، كما لم تتمكن “رويترز” من الوصول إلى ممثل عن التنظيم.
وبحسب “ريترز”، فإنها لم تتمكن من تحديد هوية المهاجمين في الفيديوهات، التي لم تكن تتضمن توقيتا، أو تحديد من نشرها أولا على الإنترنت، لكنها أشارت إلى أن مراجعتها لمنشورات مواقع التواصل الاجتماعي، أوضحت أن اللقطات بدأت بالظهور على الإنترنت بعد 18 يوليو الجاري.
ولم يرد المكتبان الإعلاميان لوزارتي الدفاع والداخلية السوريتين على أسئلة الوكالة البريطانية بشأن الهجمات المصورة، في حين لم تعلق وزارتي الدفاع والداخلية السوريتين بشكل مباشر على المقاطع المصورة أو التهم الموجهة، بينما صرّحت وزارة الدفاع في بيان سابق بأنها تحقق في “انتهاكات جسيمة ارتكبتها مجموعة مجهولة الهوية” ترتدي زياً عسكريًا. من جانبها، نددت وزارة الداخلية بالمشاهد المنتشرة على الإنترنت، متعهدة بـ”فتح تحقيق عاجل”.
خلفيات دموية: أكثر من 1000 قتيل منذ منتصف يوليو
أفادت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بأن 1013 شخصًا قتلوا منذ اندلاع المواجهات في السويداء في 13 يوليو 2025، بينهم 47 امرأة و26 طفلًا، إضافة إلى 6 من الكوادر الطبية. وأشارت المنظمة إلى أن معظم الضحايا من الدروز، وأغلبهم قضى بعد دخول الجيش السوري الجديد إلى المدينة.
ذبح وإعدامات جماعية.. ومجزرة موثقة
طبيب شرعي في مدينة السويداء أكد لـ”رويترز” أنه فحص 502 جثة، بعضها تعرض للذبح أو القتل بإطلاق النار من مسافات قريبة. وقال الطبيب إن “أحد الضحايا قُطع رأسه، واثنان آخران تم قطع حنجرتيهما، إحداهما فتاة مراهقة”.
من يقف وراء العنف في السويداء؟
تشير “رويترز” إلى أن العنف في السويداء تصاعد بعد تدخل الجيش السوري الجديد يوم 14 يوليو الجاري، مما أدى إلى ارتفاع عدد القتلى بشكل كبير.
وأكدت الوكالة أن تصاعد العنف والقتل الطائفي في سوريا يعود إلى فشل السلطة الجديدة بقيادة فصائل إسلامية سابقة في ملء الفراغ الأمني بعد سقوط النظام السابق.
إقرأ أيضاً: الشرع بين الوحدة والتقسيم .. تناقض الخطاب والأداء السياسي
إقرأ أيضاً: خفايا صفقة السويداء: كيف أعادت واشنطن وتل أبيب توزيع النفوذ في سوريا؟