مستثمرون سعوديون يعرضون رؤيتهم للاستثمار في سوريا ضمن المنتدى الاقتصادي المشترك

تشهد سوريا مرحلة جديدة من الانفتاح الاقتصادي، في ظل توجهات رسمية نحو تنشيط مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية، بعد سنوات من التراجع الاقتصادي الذي أثّر على البنية التحتية والصناعة والزراعة والخدمات.

ويُعد دعم البيئة الاستثمارية من أولويات المرحلة الحالية، إذ أصبحت الفرص الاستثمارية محورًا رئيسيًا في جهود التعافي وتحقيق نمو اقتصادي مستدام.

في هذا السياق، التقت عنب بلدي، عددًا من المستثمرين السعوديين المشاركين في المنتدى الاستثماري السوري–السعودي، الذي أُقيم في قصر “الشعب” بدمشق، حيث استعرضوا رؤيتهم بشأن إمكانيات وفرص الاستثمار في سوريا، لا سيما في قطاعات التعليم، التحول الرقمي، العقارات والطيران.

وخلال مؤتمر صحفي عقده وزير الإعلام السوري، حمزة المصطفى، في 23 من تموز، أعلن رسميًا عن إطلاق أول منتدى استثماري سوري–سعودي من نوعه، مشيرًا إلى أن الاتفاقيات المنبثقة عنه ستساهم في خلق نحو 50 ألف فرصة عمل مباشرة، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السورية (سانا).

تطوير قطاع الطيران

قال المهندس منصور بن ناصر الشريف، وهو مستثمر سعودي في قطاع الطيران، إن موقع سوريا الجغرافي المتميز ووجود مطارات رئيسية مثل مطاري دمشق وحلب الدوليين يشكلان أرضية مناسبة للاستثمار في هذا المجال، لا سيما في مرحلة إعادة الإعمار.

وأوضح أن رؤيتهم الاستثمارية تشمل تطوير البنية التحتية للمطارات، وتحسين الخدمات الأرضية، وتموين الطائرات، إلى جانب إقامة مرافق تجارية وسياحية ضمن المطارات، بما يعكس صورة حضارية حديثة ويعزز دور المطارات كبوابات اقتصادية وخدمية متكاملة.

وفي هذا السياق، أعلنت الهيئة العامة للطيران المدني في سوريا عزمها إنشاء مطار دولي جديد في دمشق بطاقة استيعابية تصل إلى 30 مليون مسافر سنويًا، بالإضافة إلى تأهيل مطاري دمشق وحلب لرفع قدرتهما التشغيلية، في خطوة تهدف إلى جذب استثمارات في هذا القطاع الحيوي.

التحول الرقمي والتعليم

من جهته، تحدث سامي الكحلوت، ممثل شركة “قوام” السعودية، وهي شركة متخصصة في ريادة الأعمال والتحول الرقمي، عن الإمكانيات الكبيرة التي يوفرها السوق السوري في مجال التحول الرقمي والخدمات الذكية، مشيرًا إلى أن المنتدى الاستثماري شكل فرصة لتعزيز هذا التوجه من خلال توقيع مذكرات تفاهم مع الجانب السوري.

بدوره، أشار محمد المدني، الرئيس التنفيذي لشركة “كلاسيرا”، المتخصصة في تقنيات التعليم والتدريب، إلى أن الشركة تسعى للتعاون مع وزارة التربية والتعليم السورية في مجالات التعليم الإلكتروني، وبرامج التدريب الرقمية، انطلاقًا من تجربتها في أكثر من 40 دولة حول العالم.

وأكد أن سوريا تمتلك مقومات تتيح لها مواكبة التحول الرقمي، لا سيما في ظل الانفتاح على الشراكات الخارجية والتسهيلات التي قُدمت للمستثمرين المشاركين في المنتدى.

الاستثمار العقاري والبنية التحتية

كما أعرب المستثمر العقاري مهند الخويلد، ممثل شركة “زود العقارية”، عن اهتمامه بتطوير القطاع العقاري في سوريا، مشيرًا إلى الحاجة الكبيرة لإعادة إعمار المناطق المتضررة، وما يتطلبه ذلك من جهود مشتركة بين مستثمرين محليين وعرب وأجانب.

وأشار إلى أن البيئة الاستثمارية السورية أظهرت انفتاحًا إيجابيًا وتسهيلات مشجعة، ما يعزز من جاذبية السوق العقاري.

اتفاقيات اقتصادية متنوعة

أعلن وزير الاستثمار السعودي، خالد بن عبد العزيز الفالح، عن توقيع 47 اتفاقية ومذكرة تفاهم خلال المنتدى، بلغت قيمتها الإجمالية نحو 24 مليار ريال سعودي (حوالي 6.4 مليار دولار أمريكي)، تشمل قطاعات متعددة مثل الطاقة، العقارات، البنية التحتية، الخدمات المالية، الصحة، التعليم، الزراعة، وتقنيات المعلومات.

وأوضح الفالح أن قيمة الاتفاقيات في قطاع البنية التحتية تجاوزت 11 مليار ريال سعودي، من ضمنها إنشاء ثلاثة مصانع جديدة للأسمنت. كما تم توقيع مذكرة تفاهم في مجال الخدمات المالية بين “مجموعة تداول السعودية” وسوق دمشق للأوراق المالية، لتعزيز التعاون في مجالات التقنيات المالية والدفع الإلكتروني.

فرص استثمارية واعدة

تتمتع سوريا بموقع جغرافي استراتيجي يربط بين الشرق والغرب، إلى جانب موارد طبيعية متنوعة، ما يجعلها بيئة جاذبة للاستثمار، لا سيما في مرحلة إعادة الإعمار.

ويرى المستشار التنفيذي في وزارة الاقتصاد والصناعة، مناف قومان، أن الفرص الاستثمارية في سوريا متعددة، وتشمل الزراعة، الطاقة المتجددة، الصناعة التحويلية، والخدمات المالية والتكنولوجيا.

أما الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي الدكتور مجدي الجاموس، فأوضح أن أبرز المجالات الاستثمارية تتركز في محورين: إعادة تأهيل البنية التحتية الحيوية، وتوسيع القدرات الإنتاجية في قطاعات الطاقة، والنقل، والموانئ، والمناطق الحرة.

ويأمل اقتصاديون أن تساهم هذه الخطوات في تحفيز عجلة التنمية وتحقيق التعافي التدريجي للاقتصاد السوري، من خلال شراكات فعالة بين القطاعين العام والخاص.

إقرأ أيضاً: من يدير اقتصاد الظل في سوريا 2025؟

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.