الاكتئاب المقنّع: الوجه الخفي للحزن عند المراهقين… و7 استراتيجيات للتعامل معه

في عالم المراهقة المليء بالتغيرات والتحولات، قد يختبئ الاكتئاب وراء قناع من السلوكيات التي تبدو للوهلة الأولى مجرد “مشاكل مراهقين” عادية. فبعيداً عن الصورة النمطية للحزن الواضح أو الانعزال، يظهر “الاكتئاب المقنّع” كعدو خفي، يسرق سعادة أبنائنا بهدوء بينما نراقبهم بحيرة.

فالمراهق المكتئب قد لا يبكي أو يعبر عن حزنه بشكل مباشر؛ بدلاً من ذلك، قد تظهر عليه علامات مثل التهور، العدوانية، الإفراط في النوم، أو حتى الإفراط في الأنشطة الاجتماعية. هذا ما يجعل اكتشاف الاكتئاب المقنّع تحدياً كبيراً للآباء والمعلمين، ويزيد من أهمية فهم هذا الاضطراب النفسي المعقد.

عندما لا يكون الحزن حزناً: كيف يتخفى الاكتئاب المقنّع؟
الاكتئاب المقنّع، أو ما يُعرف أيضاً بـ “الاكتئاب المتنكر” أو “الاكتئاب غير النمطي”، هو شكل من أشكال الاكتئاب لا تظهر فيه الأعراض الكلاسيكية للحزن واليأس بشكل واضح. بدلاً من ذلك، يتجلى على شكل سلوكيات تبدو وكأنها مشاكل أخرى، مما يصعّب تشخيصه. إليك أبرز أشكاله:

التهور والمجازفة: قد يلجأ المراهق إلى سلوكيات خطرة مثل القيادة المتهورة، تعاطي المواد المخدرة، أو الانخراط في علاقات غير صحية. هذه الأفعال ليست بالضرورة طلباً للانتباه بقدر ما هي محاولة يائسة للشعور بأي شيء غير الفراغ أو الألم الداخلي.

الغضب والعدوانية: نوبات الغضب المتكررة، العناد الشديد، أو السلوكيات العدوانية تجاه الأصدقاء أو أفراد الأسرة قد تكون مؤشراً على أن المراهق غير قادر على معالجة مشاعر الحزن أو الإحباط داخلياً.

الانسحاب الاجتماعي أو، على العكس، الإفراط فيه: قد ينسحب بعض المراهقين المكتئبين عن الأنشطة الاجتماعية، لكن البعض الآخر قد يفرط في الانخراط فيها بشكل سطحي، فقط لتجنب البقاء وحيداً مع أفكاره.

التغيرات الجسدية غير المبررة: آلام متكررة في البطن أو الرأس، اضطرابات في النوم (إما الأرق أو النوم المفرط)، أو تغيرات في الشهية (الأكل المفرط أو قلة الأكل) دون وجود سبب عضوي واضح.

الأداء الأكاديمي المتذبذب: تراجع مفاجئ في الدرجات، عدم الاهتمام بالدراسة، أو كثرة الغياب عن المدرسة.

الاهتمام المفرط بالمظهر الخارجي أو الإهمال التام له: بعض المراهقين قد يصبحون مهووسين بمظهرهم في محاولة لإخفاء شعورهم الداخلي، بينما قد يهمل آخرون أنفسهم تماماً.

 

7 استراتيجيات فعّالة للتعامل مع الاكتئاب المقنّع عند المراهقين

تحديد الاكتئاب المقنّع هو الخطوة الأولى، ولكن الأهم هو كيفية التعامل معه. إليك سبع استراتيجيات يمكن أن تحدث فرقًا حقيقياً:

المراقبة الواعية والملاحظة الدقيقة: انتبه لأي تغييرات مفاجئة أو مستمرة في سلوك طفلك، عادات نومه، شهيته، أو علاقاته. سجّل هذه الملاحظات لمساعدتك في فهم النمط.

فتح قنوات التواصل الآمن: اجعل منزلك مساحة آمنة للحوار المفتوح. تحدث مع مراهقك دون إصدار أحكام، وشجعه على التعبير عن مشاعره، حتى لو كانت غضبًا أو إحباطًا. استمع أكثر مما تتكلم.

ابحث عن الأسباب الكامنة: حاول فهم ما إذا كانت هناك ضغوطات أكاديمية، مشاكل اجتماعية (مثل التنمر)، أو صراعات عائلية قد تكون وراء هذه السلوكيات.

شجع على الأنشطة البدنية والهوايات: النشاط البدني المنتظم يعزز المزاج ويقلل من التوتر. كما أن الانخراط في هوايات يحبها المراهق يمكن أن يمنحه شعورًا بالإنجاز ويحسن من تقديره لذاته.

وضع حدود صحية لاستخدام التكنولوجيا: الإفراط في استخدام الأجهزة والشاشات يمكن أن يعزل المراهق ويزيد من مشاعر الوحدة. شجع على التوازن بين الوقت الرقمي والأنشطة الواقعية.

توفير بيئة نوم صحية: تأكد من أن مراهقك يحصل على قسط كافٍ من النوم الجيد، فالنوم يلعب دورًا حاسمًا في الصحة النفسية.

لا تتردد في طلب المساعدة المتخصصة: إذا استمرت الأعراض أو تفاقمت، فإن استشارة أخصائي نفسي أو طبيب أطفال هو أمر بالغ الأهمية. المتخصصون لديهم الأدوات والخبرة لتقديم التشخيص الدقيق ووضع خطة علاج مناسبة، والتي قد تشمل العلاج السلوكي المعرفي أو الدعم الدوائي إذا لزم الأمر.

تذكر أن الاكتئاب المقنّع ليس علامة ضعف، بل هو اضطراب يستدعي الفهم والدعم. بصفتك والداً أو ولي أمر، فإن ملاحظتك الدقيقة، وحبك، واستعدادك لطلب المساعدة هما مفتاح حماية مراهقك ومساعدته على تجاوز هذه المرحلة الصعبة.

هل لاحظتِ أياً من هذه العلامات على مراهقك؟ وكيف تعاملتِ معها؟

 

اقرأ أيضاً: كيف نساعد أطفالنا على اختيار الأصدقاء المناسبين؟ بوصلة الأبوة لقلوب الصغار!

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب

 

 

 

 

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.