الجفاف يهدد الزراعة البعلية في سوريا ويضع الأمن الغذائي تحت ضغط متزايد
شهدت الزراعة البعلية في سوريا تراجعًا كبيرًا خلال الموسم الزراعي الحالي، في ظل انخفاض حاد بمعدلات الهطول المطري، التي سجلت أدنى مستوياتها منذ عقود، بحسب نشرة صادرة عن المديرية العامة للأرصاد الجوية في أيار الماضي.
وتراجعت نسبة الأمطار بأكثر من 45% مقارنة بالسنوات الماضية، مما أثر سلبًا على المحاصيل الرئيسية، وعلى رأسها القمح البعلي، الذي يمثل نحو 30% من إنتاج القمح في البلاد، وسط تحذيرات من انهيار الإنتاج في العديد من المناطق.
خسائر كبيرة في محاصيل الحبوب
بحسب تقرير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، بلغ إنتاج الحبوب في سوريا لعام 2024 نحو 3.4 مليون طن، منخفضًا بنسبة 13% عن متوسط السنوات الخمس الماضية، و33% عن مستويات ما قبل 2011، نتيجة سوء توزيع الأمطار وارتفاع درجات الحرارة خلال فترات النمو.
واضطر مزارعون في مناطق متفرقة إلى بيع محاصيلهم لمربي المواشي بأسعار زهيدة أو التخلي عنها، بسبب ضعف النمو وغياب الجدوى الاقتصادية، فيما خرجت مناطق بأكملها من خارطة الإنتاج، مثل ريف إدلب الجنوبي، ومعرة النعمان، وسهل الغاب.
تهديد للتربة والحلول مكلفة
أكد خبراء زراعيون أن الجفاف أدى إلى تراجع خصوبة التربة وارتفاع معدلات التعرية وفقدان المواد العضوية، ما ينذر بتدهور طويل الأمد في الإنتاج الزراعي.
في المقابل، لجأ بعض المزارعين إلى اعتماد منظومات ري بالطاقة الشمسية أو مضخات الديزل، لكن هذه الحلول تبقى مكلفة وتتطلب بنى تحتية غير متوفرة في جميع المناطق.
استجابات محدودة ومبادرات بحثية
وقعت وزارة الزراعة اتفاقية مع برنامج الأغذية العالمي (WFP) مطلع تموز الحالي، تستهدف تقديم دعم مالي وغذائي لنحو 33 ألف مزارع في المحافظات المتضررة، من بينها الحسكة وحماة ودرعا.
كما يواصل المركز العربي (أكساد) جهوده في استنباط أصناف مقاومة للجفاف، والتوسع في زراعة محاصيل بديلة مثل الصبار، مع الدعوة لإعادة تفعيل مشاريع حصاد المياه والاستمطار وتوفير قروض لتحديث أنظمة الري.
تحذيرات مستقبلية
يرى خبراء أن استمرار الجفاف قد يعمق أزمة الأمن الغذائي في سوريا، خاصة في ظل الاعتماد الكبير على الزراعة البعلية، والحاجة إلى خطط استراتيجية طويلة الأمد تجمع بين الدعم العاجل والإصلاح الهيكلي في القطاع الزراعي.
اقرأ أيضاً:منظمة الزراعة تُقيم أضرار حرائق الساحل: خسائر فادحة ونزوح واسع