سوريا تعتمد سياسة “التعويم المُدار”.. محاولة جديدة لضبط سوق الصرف

أعلن حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر حصرية، أن المصرف بصدد اعتماد سياسة “التعويم المُدار” لسعر صرف الليرة السورية، في خطوة تهدف إلى تقليل تقلبات السوق والحد من هيمنة السوق السوداء، وذلك في إطار توجه جديد أكثر مرونة في إدارة السياسة النقدية.

وأوضح حصرية أن النظام الجديد سيسمح بتحديد السعر عبر قوى العرض والطلب، مع تدخل مدروس من قبل المركزي لضبط التذبذبات، في مسعى لتقريب السعر الرسمي من السعر الموازي، بعد سنوات من الاعتماد على نشرات متباينة فشلت في الحد من التدهور المتواصل للعملة المحلية.

ويأتي هذا التوجه في ظل واقع اقتصادي معقد تعاني فيه الليرة السورية من تراجع مستمر في قيمتها، حيث تجاوز سعر صرف الدولار في السوق الموازية 10,000 ليرة، مقابل سعر رسمي لا يتجاوز 11,055 ليرة.

وفي تعليق على هذه الخطوة، اعتبر عميد كلية الاقتصاد في جامعة دمشق، الدكتور علي كنعان، أن التعويم المُدار يمثل ضرورة في المرحلة الحالية، موضحاً أن هذا النوع من السياسات يتيح للبنك المركزي التدخل عند الحاجة لتحقيق توازن في السوق، دون فرض تسعيرة ثابتة. وأضاف أن التجارب السابقة أثبتت أن ضبط السوق بالقوة وحدها غير مجدٍ، وأن استقرار سعر الصرف يتطلب سياسة نقدية مرنة ومنضبطة.

وأشار كنعان إلى أن نجاح التعويم المدار مشروط بتوفر احتياطي نقدي كافٍ، وتنسيق فعّال بين السياسات المالية والنقدية، إضافة إلى استعادة ثقة السوق بالمصرف المركزي، وتفادي الهدر السابق الذي رافق عمليات تمويل المستوردات عبر المنصة الرسمية.

وكانت سوريا قد خاضت تجربة شبيهة خلال الفترة من 2016 إلى 2018، شهدت خلالها تحسنًا نسبيًا في سعر الصرف، قبل أن تعود السياسة النقدية لاحقًا إلى نهج تقييد السيولة والتدخلات الشكلية، ما ساهم في تفاقم الأزمة النقدية وتآكل احتياطيات البلاد من العملات الأجنبية.

ويُعد هذا الإعلان مؤشراً على توجه رسمي لإعادة هيكلة السياسة النقدية في سوريا، وسط ظروف اقتصادية وسياسية معقدة، تفرض تحديات كبيرة أمام أي محاولة لضبط السوق أو استعادة الثقة بالليرة السورية.

اقرأ ايضاً: التحويلات المالية بعد العقوبات: شريان اقتصادي لسوريا أم فرصة مهدورة؟

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.