المقامرة عبر الشبكة.. ضحايا في دوامة الإفلاس وقانون لايحمي المغفلين
داما بوست-هاني حيدر| برز موقع إيشانسي (ichancy) للمراهنات بشكل لافت في الفترة الأخيرة، وحقق شهرة لا بأس بها في بعض الدول العربية مثل سوريا ولبنان، واسمها مشتق من كلمة (Chance) شانس والتي تعني “الحظ”، ودرج التعامل بها في البداية كلعبة ثم انتقلت لتصبح مسرح لجريمة تحت مسمى “المقامرة عبر الشبكة “.
الطمع.. وإفراغ الجيوب
“كنت مفكرها لعبة عادية وممكن صير مليونير من وراها”.. هذا ماقاله أحد ضحايا لعبة إيشانسي الإلكترونية لشبكة “داما بوست”، مضيفاً: “عندما بدأت اللعب حققت أرباح جيدة فيها، وقادني الطمع لأن استمر باللعب وأحقق أرباح كبيرة، ولكني اكتشفت متأخراً أنها لن تحقق لي سوا الخسارة وتراكم الديون، لأنها تعتمد على مبدأ الترغيب حيث تقدم للاعب أرباح في البداية ثم تتحول إلى آلة صرف نقود فقط”.
الغريق بيتعلق بقشة
يقول الشاب (م.ن) لشبكة “داما بوست”: “وقت بتلاقي الحظ صندوق مغلق قدامك، وعم تدور لطريقة تطالع فيها مصاريفك وتوفي ديونك، ممكن وقتها تتعلق بأي فكرة يكون فيها أمل بالنجاة بتلجئ لموقع إيشانسي”.
وأضاف: “وبدون وعي أو تفكير بتتملكك الأفكار الإيجابية والخيال الإيجابي وشو ممكن تعمل بس تربح وبتغيب عن عيونك صورتك وأنت خسران ومذلول وماعم تعرف تطلع من هالدوامة، هيك صار فيي وقت لعبت إيشانسي واليوم الديون اللي ملاحقتني كبيرة كتير وماعم أعرف كيف أوفيها”.
حالات كثيرة وقعت ضحية هذه اللعبة، منهم من يعزو السبب بالحالة المادية السيئة واللجوء إلى أي طريقة بإمكانها تحقيق مكاسب مادية لهم، ومنهم من لعب طمعاً بتحقيق أرباح كبيرة يضيفها إلى رصيده المالي، ومنهم من لجأ لهذه اللعبة من باب المتعة والتحدي، وفي جميع الحالات يمكن القول “تعددت الأسباب والموت واحدُ”.
وصلت إلى الانتحار
لم تقتصر سلبيات هذه الألعاب على الخسارة وتراكم الديون فقط بل تعدت ذلك إلى الإنتحار، وهذا ماحصل مؤخراً في طرطوس حيث أقدم شخص على الإنتحار، ومن خلال التحقيق وجمع المعلومات تبين أنه كان يمارس ألعاب المراهنات الإلكترونية، وتعرض لخسائر كبيرة وصلت لأكثر من (270) مليون ليرة سورية، بحسب ما أفاد العديد من الأشخاص في قريته.
وهذه الحالة ليست الوحيدة بل سبقتها حالات آخرى منها انتحار أو محاولات انتحار بالإضافة إلى مشاكل وصراعات بين اللاعبين والمشرفين على اللعبة بسبب النصب والإحتيال أو التأخير بدفع الإلتزامات المالية من الطرفين.
اقرأ أيضاً: “المراهنات” تُغرِق الشباب السوري وتُفرِغ جيوبهم.. والعقوبة ألفي ليرة!!
ملاحقات جنائية
فروع الأمن الجنائي في مختلف المحافظات ألقت القبض على العديد من الشبكات التي تعمل بالمراهنات والعملات الرقمية عبر الإنترنت، وهم بصفة “كاشير” و”ماستر” يقومون بإنشاء حسابات للزبائن عبر برنامج إيشانسي وغيرها ويتركز عملهم بتعبئة نقاط للزبائن في حال الخسارة وشراء النقاط منهم في حال الربح وشحن مبالغ مالية عن طريق شركات وبيع وشراء بطاقات إلكترونية من الزبائن لشحن الألعاب والبرامج.
فكيف يتعامل القانون السوري مع اللاعبين، ومع المروجيين للعبة والمشرفين عليها؟
الرأي القانوني مدنياً
يؤكد المحامي فادي الرحال في حديثه لشبكة “داما بوست” أن القانون المدني اعتبر هذا النوع من العقود باطلاً وبأن أي اتفاق عليه مخالف للنظام العام والآداب العامة حيث نصت المادة (705) من القانون المدني السوري على أنه: “يكون باطلاً كل اتفاق خاص بمقامرة أو رهان “.
وأشار الرحال إلى أن المشرّع أعطى لمن خسر مبالغ مالية ضمن حالة المقامرة أو الرهان استرداد تلك المبالغ خلال مدة لا تتجاوز (3) سنوات من تاريخ الدفع، ولو اشترط عليه عند اللعب بأن الفريق الخاسر لا يحق له استرداد ماخسر، حيث نصت الفقرة (2) من المادة (705) من القانون المدني على أنه: ” ولمن خسر في مقامرة أو رهان أن يسترد ما دفعه خلال ثلاث سنوات من الوقت الذي أدى فيه ما خسره، ولو كان هناك اتفاق يقضي بغير ذلك وله أن يثبت ما أداه بجميع الطرق “.
عقوبة اللاعبين جزائياً
يشرح المحامي فادي الرحال عقوبة اللاعبين في هكذا ألعاب جزائياً ويقول إن من يلعب هكذا ألعاب قمار يعاقب وفق صريح المادة (620) من قانون العقوبات بدلالة المادة (33) من قانون مكافحة جرائم المعلوماتية رقم (20) للعام2022، حيث تنص المادة (620) ق.ع.س على أن كل شخص اشترك باللعب يعاقب بغرامة من 100 ألف إلى 500 ألف ليرة.
كما تنص الفقرة (ج) من المادة (33) من قانون تنظيم التواصل على الشبكة ومكافحة الجريمة المعلوماتية رقم (20) للعام 2022 على أن العقوبة تشدد وفق أحكام المادة /247/ من قانون العقوبات، إذا ارتكبت أي جريمة من الجرائم المنصوص عليها في القوانين النافذة الأخرى باستعمال وسائل تقانة المعلومات.
أما المادة (247) من ق.ع.س تنص على أنه “إذا لم يعين القانون مفعول سبب مشدد، أوجب السبب المذكور تشديد العقوبة على الوجه التالي: يبدل الإعدام من السجن المؤبد وتزداد كل عقوبة موقتة من الثلث إلى النصف وتضاعف الغرامة “، وبالتالي تصبح العقوبة : من ٢٠٠ ألف إلى مليون ليرة سورية، كون العقوبة تقتصر على الغرامة، ويتم مضاعفة الغرامة.
الحبس والغرامة.. لمن يدير هذه الألعاب
يوضح الرحال في حديثه لشبكة “داما بوست” أن عقوبة من يتولى متابعة وإدارة وتنظيم ألعاب القمار وفق صريح المادة (619) من ق.ع.س الحبس من 3 أشهر إلى سنتين بالإضافة للغرامة 100 ألف إلى 500 ألف، ونتيجة ارتكاب الفعل الجرمي (المقامرة) عبر الشبكة تضاعف العقوبة وفق أحكام المادة (247) بدلالة المادة (33) من قانون تنظيم التواصل على الشبكة ومكافحة الجريمة المعلوماتية، كما يمكن الحكم عليهم بمنع الإقامة و بمغادرة البلاد في حال كانوا أجانب، بالإضافة لمصادرة الأشياء التي نتجت عن الجرم أو استعملت أو كانت معدة لارتكابه ، كما يمكن الحكم بإغلاق الموقع أو حجبه أو حظره.
المحكمة المختصة
يشير الرحال إلى أن محكمة بداية الجزاء هي المختصة بجرائم المعلوماتية، مالم يختلط الفعل الجرمي بالتعامل بغير الليرة السورية عندها يصبح الاختصاص معقوداً لقاضي التحقيق المالي ويحال الموقوف إلى محكمة الجنايات الاقتصادية والمالية.
اقرأ أيضاً: تطبيقات المراهنات في سورية.. عالم سري لشبان يبحثون عن دخل إضافي يقوم على “الثقة”