اختلفت معادلات الحياة في سورية مؤخراً، مسلسل الحرمان انسحب حتى على طقوسهم المعتادة في الصيف، حيث يلجأ الناس عادةً لقضاء أوقاتهم في أماكن رطبة أقل حرارة من منازلهم، مثل البحر والمسابح والمزارع والأنهار، في ظل انقطاع طويل للتيار الكهربائي، وارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة.
وصارت ترتفع أسعار الدخول إلى الأماكن السياحية أو الترفيهية مع ارتفاع درجات الحرارة، بشكل لا يلائم أغلب السوريين، فتبلغ تكلفة الدخول إلى مسبح شعبي لعائلة مكونة من 4 أشخاص حوالي 40 ألف ليرة سورية، وتشمل السباحة فقط دون أيا طلبات أخرى.
وبلغت تكلفة الدخول إلى المسابح “الراقية” أكثر من 240 ألف ليرة، وهي تساوي راتب موظف حكومي بعد الزيادة، وخاصة أن المسابح تحظى برواج كبير في المناطق الداخلية التي لا يوجد فيها مسطحات مائية أو بحر، أي أن رحلة ترفيهية لأربعة أشخاص إلى أحد المسابح الخاصة، ستصل كلفتها إلى ما يقارب مليون ليرة، في حال قرروا تناول وجبة طعام أو طلب مشروبات وأراكيل لأكثر من مرة.
يقول “عزام” وهو أب لـ 4 أطفال خلال تصريح لـ “داما بوست”.. “سابقاً كان بإمكاني أن أذهب وعائلتي كل جمعة إلى المسبح العائلي، وذلك لم يكن مكلفاً، وكانت تكلفة دخول الشخص تتراوح من ألف إلى ألفين ليرة، أما اليوم تتجاوز الـ 10 آلاف ليرة في المسابح الشعبية، دون طعام أو شراب”.
كما بلغت تكلفة الدخول إلى شاطئ إحدى المنتجعات المصنف نجمتين حوالي 25 ألف ليرة للشخص الواحد، أما المصنفة ثلاث نجوم أو أكثر فتتراوح تكلفة دخول الشخص من 50 إلى 100 ألف ليرة.
وأشارت “جويل” وهي طالبة جامعية لـ “داما بوست”.. إلى “ذهابها وأقربائها إلى أحد شواطئ اللاذقية، حيث تكلفة دخول الشخص 50 ألف ليرة سورية، وأن أسعار المأكولات والمشروبات داخل المنتجع مبالغ بها، لكنها تبقى أفضل من الجلسات الشعبية، التي تفتقر للاهتمام والنظافة”.
وتنتشر في المدن الداخلية ايضاً “مزارع” للإيجار ولها شعبية كبيرة، حييث تذهب إليها العائلة للتنزه في أيام العطلة، مصطحبين معهم أغراضهم الشخصية من طعام ومسليات لقضاء يوم سعيد، لكنها أيضا لم تعد متاحة للجميع، وأصبحت باهظة، فتجاوز مبلغ إيجارها اليومي أكثر من 700 ألف ليرة، في الأرياف القريبة من دمشق، وتتراوح بين 250 ألف و500 ألف في المناطق البعيدة.
يقول “أبو علاء” وهو أب لطفلين خلال حديثه لـ “داما بوست”.. “كنا سابقاً نجتمع وأخوتي وعائلاتهم ونقوم باستئجار مزرعة يوم العطلة، ونذهب لقضاء كامل اليوم داخلها، حيث السباحة والشواء والجو الجميل بالقرب من الطبيعة، حيث كانت تكلفة أجارها العام الماضي بين 100 ألف ليرة و300 ألف ليرة، ونحتاج مثلهم ما بين مأكولات وتسالي، فتكون الحصيلة النهائية على كل عائلة مقبولة، أما اليوم تكلفة أجارها فقط حوالي 700 ألف ليرة! ناهيك عن حاجتنا لضعفيهم ما بين أكل ومشروبات”.
وضاقت سبل الرفاهية بالناس، حتى صارت فكرة قضاء عطلتهم في بانيو الاستحمام المنزلي هي الفكرة الأنسب، باعتباره الحل الوحيد أمام ذوي الدخل المحدود، لكنه غير متاحاً دوماً لعدم توفر المياه في العديد من الضواحي والمدن، التي تعاني من أزمة مياه متفاقمة، ويتكلف سكانها آلاف الليرات شهرياً على “صهاريج” التعبئة.