الميزان الإلكتروني بديلاً لعدّ النقود.. وحل المشكلة بتفعيل الدفع الإلكتروني

ارتفاع أسعار السلع وانخفاض قيمة الليرة السورية خلال الحرب نتيجة التضخم، ولجوء المواطنين إلى حمل كميات كبيرة من النقود أثناء عمليات البيع والشراء في الأسواق وفي التعاملات التجارية، فاقمت مؤخراً ظاهرة استخدام الميزان الإلكتروني لتحديد قيمة رزم النقود في ظل عدم وجود نص قانوني يجرم ذلك.

الظاهرة كانت بدأت من أسواق الصاغة مع وصول سعر غرام الذهب إلى أكثر من مليون ليرة وبالتالي وجود كميات كبيرة من الأموال تدخل يومياً إلى خزائن التجار، وامتدت لاحقاً إلى تجار الأدوات الكهربائية والجملة وبعض تجار التجزئة، فضلاً عن أصحاب محطات الوقود والذين يقبضون بشكل يومي عشرات الملايين ثمناً لبضائعهم وموادهم.

العد اليدوي للنقود يستغرق وقتاً طويلاً

ويقول الطبيب غسان لشبكة “داما بوست” إنه اشترى منزلاً في حي التضامن بدمشق بمبلغ 700 مليون ليرة واضطر لوضعه في حقيبة سفر كبيرة ونقله بسيارة، لأن كمية النقود كانت كبيرة فهي من جميع الفئات، موضحاً أنه قبل تسليم المبلغ للبائع بدأ بعدّه يدوياً، فطلب منه الأخير التوقف عن ذلك لأنه أحضر ميزاناً إلكترونياً لهذه الغاية.

بدوره يرى الصائغ إلياس أوضح أن العد اليدوي للنقود يستغرق وقتاً طويلاً، فكميات الأموال التي تدفع في الأسواق والمحال التجارية ولدى الفعاليات الصناعية كبيرة جداً، كما يصعب استخدام عدادات النقود الإلكترونية، نظراً لأن معظم النقود المتداولة في الأسواق مهترئة ولا يمكن أن تمر عبر العدادات، ولهذا يتم اللجوء إلى وزن رزم النقود إلكترونيا.

من جانبه اعتبر التاجر عبد العزيز أن هذه الطريقة تختصر الوقت والجهد وخاصة مع المبالغ الكبيرة التي تدفع ثمناً للذهب أو العقارات والسيارات والأدوات الكهربائية، مبينا أنه يمكن استخدام أي ميزان إلكتروني شريطة أن يكون من الأنواع الحساسة لأي وزن يوضع عليه.

وفي تصريح لشبكة “داما بوست” أشار الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور شفيق عربش إلى أن سبب استخدام الموازين الإلكترونية في وزن الرزم المالية هو ارتفاع الأسعار الكبير وانخفاض القدرة الشرائية لليره السورية، حيث يلجأ المواطن والتاجر إلى هذه الطريقة بسبب صعوبة عد المبالغ الكبيرة يدوياً، إضافة إلى أنها أسرع من العدادات الإلكترونية.

الكمية الكبيرة من النقود تحتاج سيارة

وبين عربش أن وزن رزمة الـ 100 ألف ليرة من فئة الـ1000 هو97 غراماً، ورزمة الـ 500 ألف من فئة الـ5000 هو 98 غراماً، ورزمة الـ 200 ألف من فئة الـ2000 يبلغ 100 غرام، أما العملات القديمة مثل فئة الـ1000 ليرة والـ500 ليرة فتزن كل منهما 140 غراماً أي الـ 100 ألف والـ 50 ألفاً، وبالتالي إذا اشترى مواطن مثلاً منزلاً بسعر 4 مليارات ليرة فإن وزن هذا المبلغ يكون 800 كيلوغرام، وهذه الكمية الكبيرة من النقود التي تحتاج سيارة لنقلها يصعب عدها يدوياً، بل وحتى إلكترونيا في حال وجود عملات قديمة ومهترئة.

وأوضح عربش أنه في ظل إجراءات الحكومة التي تؤدي إلى مزيد من ارتفاع الأسعار ومزيد من التضخم ومن الكتلة النقدية المطروحة في الأسواق، فإن الحل للقضاء على ظاهرة وزن الرزم المالية هو إعادة الاعتبار لليرة السورية، وهذا ممكن لكن ليس في ظل هذه الإجراءات التي تتخذ يومياً من تحريك أسعار المشتقات النفطية، وتحريك حوامل الطاقة وغير ذلك من إجراءات، مشيراً إلى أن الحل السريع يكون عبر تفعيل الدفع الإلكتروني، بحيث يتم الإسراع في فتح حسابات مصرفية للمواطنين تُغذى إلكترونياً، بمعنى أن من يعمل بأجر يتحول راتبه إلى حسابه، ومبيعات التاجر تحول عبر بطاقات الصراف إلى حسابه وهكذا.

وأكد عربش أن إعادة الاعتبار لليرة السورية ولقدرتها الشرائية شيئاً فشيئاً تتطلب من الحكومة إقرار حزمة قوانين وأنظمة وإجراءات شفافة وواضحة، لخلق مناخات مناسبة لإطلاق العجلة الاقتصادية بشكل صحيح وكامل، سواء في الزراعة أو الصناعة، وتنشيط السياحة، وبهذا يعمل الاقتصاد بطاقته الإنتاجية القصوى، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة التصدير وإعادة انتعاش الاقتصاد وتحسين المستوى المعيشي للمواطن.

تعزيز بنية الدفع الإلكتروني

الحكومة اتخذت من جهتها جملة إجراءات لتعزيز بنية الدفع الإلكتروني، وتسهيل وتبسيط إجراءات التسويات المالية والعمليات التجارية، وكذلك تعزيز فعالية إدارة السيولة المالية الوطنية، وتعمل على تشميل قطاعات وفعاليات اقتصادية وخدمية إضافية بمنظومة الدفع الإلكتروني، بما يضمن توسيع عمليات الدفع الإلكتروني، بالتوازي مع الاستمرار باستكمال تهيئة البنية التحتية للقطاع المصرفي، وإيجاد الحلول اللازمة لكل الصعوبات والمشكلات الفنية التي تعترض عملية التعامل مع الدفع الإلكتروني، وتسهيل عمليات الدفع في مختلف القطاعات.

وتجاوز عدد الحسابات الإلكترونية التي أنشأها مشتركو الخلوي كحسابات مشتركين خلال النصف الأول من العام الجاري 1.464 مليون حساب، فيما وصل عدد حسابات التجار إلى 10863 حساباً، بينما تجاوزت قيمة الفواتير المسددة إلكترونياً خلال الفترة ذاتها عن طريق الخطوط الخلوية 140 مليار ليرة، كما بلغت قيمة عمليات الدفع الإلكتروني المسددة من زبون لتاجر نحو 103 مليارات ليرة خلال الفترة نفسها.

وبدأت الشركة السورية للاتصالات مطلع هذا العام اعتماد أقنية الدفع الإلكتروني كوسيلة أساسية لتسديد فواتيرها الهاتفية، وفي الإطار ذاته وضمن سياسة تشجيع نشر الدفع الإلكتروني، أتم المصرف التجاري السوري قبل أيام تركيب أجهزة نقاط البيع (POS) في جميع المحطات الحكومية العائدة لشركة محروقات في المحافظات كافة، لتسديد ثمن البنزين المخصص للمركبات باستخدام البطاقات المصرفية.

تابعونا على فيسبوك تلغرام تويتر