انتشرت الكثير من الشائعات على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً تتحدث عن قرب وقوع نشاط زلزالي كبير، تزامناً مع تسجيل هزة حماة منذ عدة أيام، وعدة هزات ضعيفة في مناطق متفرقة من سوريا.
وجاءت تكهنات المنجمين بعد أن سجل المركز الوطني للزلازل هزة بقوة 5.5 ريختر مركزها شرق حماة، وشعر بالهزة الأرضية سكان اللاذقية وطرطوس وحمص وحماة، ما فتح الباب على عشرات التنبؤات اليومية التي أثارت القلق في نفوس السوريين.
الزلازل ظاهرة أرضية طبيعية يفسرها العلم
من جهته، قال أستاذ الجيوفيزياء والرئيس السابق لقسم علم الزلازل في المعهد العالي للبحوث والدراسات الزلزالية في جامعة دمشق، الدكتور نضال جوني لشبكة “داما بوست” إن: “الزلازل ظاهرة أرضية طبيعية يفسرها العلم، وهي ظاهرة طبيعية ومتكررة وهي ناتجة عن طبيعة تكوين القشرة الأرضية التي نعيش عليها”.
وتابع “جوني”: “هذه القشرة بسبب بنيتها المكسّرة إلى أجزاء مختلفة الابعاد تتحرك ببطء شديد وعبر ملايين السنين، حيث ينتج عن هذه الحركة تصدعات كبيرة جداً في القشرة بسبب الضغوط والإجهادات وبالتالي يحدث الزلزال”.
وأشار “جوني” إلى أن: “علم الارض ، الجيولوجيا والجيوفيزياء تقوم بدراسة كافة الظواهر على سطح وباطن الأرض لمعرفة بنية الأرض وما تحتويه، وبالتالي هو علم استقصائي يساعد في فهم ومعرفة كوكبنا الأرض”.
وبين أستاذ الجيوفيزياء: “تتعدد الظواهر منها ما هو كارثي، يدمر حياة البشر، ومنها ما هو مثير ومنها ما هو ذات فائدة أكانت جمالية أم اقتصادية، أي بما يخص الثروات كالذهب والنفط والألماس وكل المعادن اللازمة للبشرية”.
وأضاف “جوني”: “ولا تقتصر الظواهر الكارثية على الزلازل مع أنها الاقوى والأشد على حياة البشر، فهناك البراكين المنتشرة في أماكن متعددة على القشرة وتنفث حممها وتشكل خطراً ليس فقط على البشر بل على مجموع الحياة على الأرض”.
مسألة التنبؤ بالزلازل تبقى متعثرة في إيجاد مؤشرات حاسمة
وتابع “جوني”: “وبالتالي تتشارك مجموعة العلوم والتقانات لدراسة الأرض، وهناك الأجهزة المتعددة التي تكشف خفايا الأرض، والشخص الأكثر قدرة ودراية لمعرفة ودراسة الأرض هم الجيولوجيين والجيوفيزيائيين”، مضيفاً أن: “هناك أجهزة مراقبة دائمة ضمن شبكات محلية تخص كل دولة وتتشارك بتبادل البيانات والمعلومات للرصد الزلزالي”.
وأردف “جوني”: “هناك مراكز عالمية مرموقة تقوم بدراسة الزلازل وتقييم الأحداث ومراقبتها على مستوى العالم، وهناك مسألة التنبؤ بالزلازل التي تبقى متعثرة في إيجاد مؤشرات حاسمة وكاملة على وقوع الزلزال قبل وقت قصير”.
ولفت “جوني” إلى أن: “هناك محاولات كثيرة، على مستوى علماء الزلازل والرياضيات لإيجاد حلول وبرامج تستطيع تقريب كشف الخطر الزلزالي، لكن الجزء المهم هو وضع أسس سليمة لدراسة المناطق النشطة زلزالياً ووضع قواعد للبناء حسب كل منطقة ومكامن الخطر الزلزالي، لكن يبقى التنبؤ بالزلازل هدف للعلماء لوضع خطة إنقاذ من خطر محدق، غير أن الوقاية أفضل وهي بناء وإنشاء مساكن مقاومة للزلازل بغض النظر عن وقوع الزلزال من عدمه ومتى وأين”.
وتابع “جوني”: “لكن انتشر بعد زلزال 6 شباط كثير من المواقع والأشخاص بالتنبؤ بالزلازل وعلى رأسهم الهولندي فرانك “هوغبيرتس” الذي يبث الخوف والرعب والشائعات بين الناس خاصة في منطقتنا، وكأن اخبار الزلازل ومتى تحدث واين في متناول يديه، وهذا منافي للواقع، إذ يبقى التنبؤ بالزلازل صعب وشائك، بغض النظر عن أن يصيب مرة من عشرات المرات وخاصة إذا أردنا التحدث عن مناطق ذات نشاط قوي كما في خط النار في المحيط الهادئ أو في منطقتنا حيث هي نشطة من الناحية التكتونية”.
فرانك.. واصطفاف الكواكب؟
وأكمل “جوني”: “بالتالي فإن إصابة هدف لمرة من مرات كثيرة لا يجب أن تأخذه كقاعدة، كما أن اصطفاف الكواكب الذي يدعيه فرانك وبعض ممن يركبون الموجة مازال غير مثبت لدوره الحاسم في حدوث زلازل في القشرة الأرضية”.
ونوه “جوني” لأهمية الابتعاد عن الشائعات المتكررة والتي ثبت بطلان أغلبها، وكما أن حدوثها لمرة واحدة من عشرات هذا ليس من التنبؤ بشيء بل عامل الصدفة، والأهم في النهاية البناء المقاوم والسليم ووعي الناس وإجراءات السلامة هي الأهم والمنفذ من خطر الزلازل”.