تمكن الطبيب السوري من إثبات جدارته على الساحة الطبية، فكان مقصداً للمرضى في الداخل وفي الخارج، واستطاع أن يبني علاقة متينة مع مرضاه ترتكز على الثقة والاحترام، وحقيقة دفعت كثيرين للقدوم من الدول العربية ومن دول الخليج، لإجراء العمليات الجراحية في سورية أو الخضوع لبعض الإجراءات العلاجية، وأصبحت الزيارة بقصد العلاج سبباً لكثيرين، تحديداً لمواطني لبنان والعراق ودول مجاورة، وللأمر أسباب عدة.
ويوضح عميد كلية الطب بجامعة الشام الخاصة الدكتور “نبوغ العوا” لـ “داما بوست” تلك الأسباب قائلاً.. “يعود توافد المرضى إلى سورية وخاصة في موسم الصيف بقصد إجراء العمليات الجراحية أو المرضية أو العمليات التجميلية، إلى خبرة الطبيب السوري بالدرجة الأولى، والنتائج المضمونة التي يقدمها الطبيب، والسبب الثاني أن التكلفة المادية التي يتقاضاها الطبيب السوري رحيمة بالنسبة للأطباء في الخارج، على الرغم من الفرق الكبير بين العملة السورية والعملة الأجنبية”.
وأضاف “العوا”.. “وحتى تكلفة السفر إلى سورية والإقامة فيها وصولاً إلى إجراء العمل الجراحي والتكاليف الأخرى التي ينفقها المريض، تبقى بالنسبة له معقولة جداً، في حين يُطلَبُ منه في الخارج أرقاماً باهظة بحجة العملية، فعلى سبيل المثال يمكن أن تكون تكلفة العملية 10 ليرات يُقال للمريض أن التكلفة 20 ليرة، وهو ما يدل على جشع الأطباء في الخارج”.
ويؤكد “العوا” أن الطبيب السوري معروف بكفاءته العلمية، واحترامه لنفسه وللمريض بشكل خاص، أي لا يمكن إقرار الطبيب السوري لعملية جراحية لأي مريض إلا إذا كان بحاجتها حقاً، دون التلاعب به مادياً أو مهنياً.
وحول توفر المستلزمات الطبية في سورية، بيّن “العوا”.. “لا يمكن أن نقول إنها غير متوفرة، وإلا كنّا غير قادرين على إجراء أي عملية جراحية، والمتوفر لدينا بظل الحصار والحرب هو الحد الأدنى من المستلزمات الطبية لإجراء العمليات الجراحية، وفي النهاية نحن كأطباء سوريين لا تهمنا البروظة واستخدام المنتجات بقصد الاستعراض على المريض، فيمكننا استخدام البدائل المتوفرة بما يضمن النتائج العلمية الملموسة والتي تعكس على صحة المريض، بحيث لا نبخل على المريض بأي معلومة طبية ولا حتى بالمواد رغم صعوبة تأمنيها”.
وقال طبيب القلبية والأوعية الدموية الدكتور “سومر شلبي” لـ “داما بوست”.. “إن بعض الأطباء يستقطبون المرضى من الدول العربية، بطرائق التسويق والترويج والتي تجذبهم فعلياً إلى سورية، وللملاحظة أن معظم القادمين هم من المغتربين السوريين، وعملياً إن معظم العمليات الجراحية التي يقصدونها إلى سورية هي عملية قص المعدة، أو شفط الدهون وغيرها، والتي تكلف في الخارج على سبيل المثال ما يعادل 18 مليون ليرة سورية، بينما في سورية حوالي 8 ملايين ليرة سورية، أي ما يقارب النصف تقريباً”.
وأكمل “شلبي”.. “لا يمكننا إنكار الوضع الاقتصادي السيء في الداخل، والذي سبب ضائقة مادية لبعض الأطباء، والذي خلق منافسة غير مهنية في الوسط الطبي، إلا أن الطبيب السوري استطاع أن يكسب ثقة مرضاه، ولا ننكر وجود الأخطاء الطبية لدينا كأطباء، ولكن تكون بالحد المقبول والتي نتداركها على الفور”.
في حين قال طبيب جراحة وتجميل الوجه الدكتور “علي سقر” لـ “داما بوست”.. “إن الطبيب السوري تمكن من إثبات جدارته في كل العالم وليس فقط في سورية، حتى المراكز الطبية ترغب بالتعاقد معه لمعلوماته الطبية وجهده المتواصل في عمله، والأطباء الذين سافروا للخارج تمكنوا خلال مدة قصيرة أن يصبحوا أساتذة في الجامعات العالمية”.
وأضاف “سقر”.. “توافد المرضى إلى سورية كان بسبب التكلفة المادية المعقولة بالنسبة لهم، والعمليات التجميلية مؤخراً أصبحت من أشيع العمليات الجراحية، ورفاهية للبعض سواء كانوا من داخل أو خارج سورية”.
وحول أساليب الترويج المتبعة من قبل بعض الأطباء، قال “سقر” إن هذه الأساليب تُخرِجُ مهنة الطب من إنسانيتها، وهي مخجلة جداً، وللأسف أكثر من 90 بالمئة من الأطباء يعتمدون على الترويج والتسويق لجذب المرضى والتشبيك معهم، وأنا شخصياً ضد هذه الأساليب بالمطلق حتى وإن كان هناك عائد مادي”.
وبيّن طبيب الأسنان الدكتور “علاء مرضعة” لـ “داما بوست”.. “أن موضوع زيارة المرضى العرب إلى سورية لعلاج وتجميل الأسنان ليس حديثاً، فمنذ مدة طويلة كان هناك العديد من المراجعين العرب وخاصة العراقيين واللبنانيين يقصدون عيادتنا بهدف المعالجات السنية وزراعة وتجميل الأسنان حتى خلال فترة الحرب والأزمة”.
بينما في الفترة الأخيرة، قال “مرضعة” إن ازدياد توافد المرضى من الجنسيات العربية المختلفة إلى سورية، سببها كفاءة الطبيب السوري في مختلف الاختصاصات الطبية، مما جعله بالمرتبة الأولى علمياً ومهنياً، ولا نستبعد أيضاً العائد المادي الذي يتقاضاه الطبيب، إلا أن سمعته كانت سبّاقة له في الداخل والخارج.