تم النصيب على “غروب فيسبوك”.. واختصاصية لـ”داما بوست”: التعنيف والتهميش هو السبب
داما بوست - مارينا منصور
منذ ظهور “السوشل ميديا” أصبح واقعنا افتراضياً، ونقل الناس حياتهم بتفاصيلها ليمارسوها عبر منصات التواصل الاجتماعي، ولا شك أن كل مَن يتصفح “غروبات الفيسبوك” يمر أمامه منشور “خطبة”.
“نريد عروس شقراء بيضاء بعمر 20 إلى 23 تقبل السفر لعريس شاب عمره بالثلاثينات مستقر خارج البلد”.
وكأن الموضوع أصبح “دوارة على بضاعة” وانتهى، أو مساومة على صفات معينة إن وجدت “نقشت” وإن لم توجد “ما في نصيب”، لتنهال التعليقات من أشخاص يقولون بأنهم يعرفون فتيات بهذه المواصفات.
تسليع للنساء أم تسهيل للدخول في علاقة؟
الشابة نور سلوم رأت أن هذا الأمر يكرّس أفكاراً عن المرأة بأنها سلعة أو بضاعة تنتظر مَن يختارها بحسب مواصفات معينة، مشيرةً إلى أن فكرة الزواج أكبر من منشور على “الفيسبوك” وتتطلب أشخاصاً واعين لخياراتهم ليعيشوا التجربة ويعرفوا مدى ملاءمتهم لبعضهم.
أما الشاب فايز سلمان فكان رأيه مغايراً، إذ قال: “إن هذا الأمر يسهّل الزواج للشبان السوريين خارج البلاد والذين يرغبون بالزواج من السوريات”، مبيناً أن هذه المنشورات تجنّب الطرفين الخوض في علاقات مع أشخاص غير مناسبين لهم، لأنها تتيح لهم البدء بعلاقة مع أشخاص بمواصفات يرغبونها.
وأشارت السيدة لمى إلى أنها نشرت منشوراً بهذه الطريقة لتجد عروساً لابنها، لافتةً إلى أنها يأست من تجاربه مع فتيات غير مناسبات له، لتسأله في النهاية عن المواصفات الدقيقة التي يرغبها وتدرج منشوراً على إحدى “غروبات البنات” على “الفيسبوك” وتنتظر إلى الآن الخيار المناسب.
لا حسيب ولا رقيب.. وبمباركة مجتمعية
وفي هذا الصدد، أكدت الاختصاصية النفسية رانيا مهنا لشبكة “داما بوست” أن الارتباط هو علاقة لها أسس “اجتماعية، أخلاقية، نفسية، قانونية…” يجب أن تكون مبنيّة بطريقة صحيحة لتكون العلاقة قوية ومستدامة، مشيرةً إلى أن العلاقة هي مشروع حياة فيه الكثير من المسؤوليات بدءاً من اختيار الشريك والموافقة على الدخول في العلاقة وحتى تحمل المسؤولية تجاه الشريك والأبناء مستقبلاً.
وقالت مهنا: “إن الزواج ليس مجرد تلبية للغرائز، إنما هو عقد حياة ونمط حياة قادمة لمدة طويلة، ولذلك يجب أن يختار الشريكان بعضهما بدلاً من أن يكون الاختيار عن طريق الأم أو الأخت أو غيرهما”.
وأضافت: “يجب أن يكون الاختيار حسب أولوياتنا في الحياة ومشاريعنا القادمة ومستقبلنا الذي نرسمه ونحلم به”.
وبيّنت الاختصاصية النفسية أنه عندما ينتشر منشوراً مثل “أنا بدي شريكة طويلة شقراء وعيونها خضر وست بيت”، نستخلص نتيجة بديهية عن مستقبل الفتاة القادم المتركز على جسدها، أو الطاقة المحدودة بأعمال المنزل، مع وجود حالات استثنائية لكنها قليلة جداً.
وأوضحت مهنا أن الأسباب التي تجعل الشباب يتجهون لهذه الطريقة هي اغترابهم، أو الفقر في البلاد، ما يجعل الفتاة وأهلها يوافقون عند أول فرصة، بالإضافة إلى ازدياد نسبة العزوبية لدى الفتيات والخوف من “العنوسة”، وخوف الأهل على مستقبل الفتاة، والتعنيف والتهميش داخل الأسرة الذي قد يدفع الفتاة إلى أن توافق على الزواج بهذه الطريقة لتتخلص من الضغط.
مخاطر الزواج بهذه الطريقة
وبيّنت الاختصاصية النفسية أن مخاطر الزواج بهذه الطريقة تكون أكبر عندما يعاني الأهل من الفقر، لأنه في حالة الطلاق تعود الابنة مع أطفالها ليكون الأهل مسؤولين مرة ثانية عن عدد أكبر من الأشخاص، أو يكون هناك أطفال بلا أسر، أو أسر بديلة “عندما تتزوج الفتاة مرة ثانية بعد الطلاق ويكون الزوج الثاني غير مسؤول عن أطفالها”، ليصاحبهم شلال من الاضطرابات النفسية والجسدية.
وذكرت مهنا أن المجتمع يساهم بنشر هذه الثقافة حتى لو كان هناك مخاطر تتراكم بسببها، لكن يتم تجاهلها وتنتشر ثقافة هذه الزيجات دون حسيب ولا رقيب بل وبمباركة مجتمعية.
ولفتت الاختصاصية النفسية إلى أن التعارف عن طريق “الانترنت” أو عن طريق الأهل يمكن أن يكون وسيلة جيدة وصحية إذا تم توجيهها بطريقة صحيحة تضمن حقوق الطرفين، كأن يكون هناك وقت جيد للتعارف، واتفاقات مسبقة على شكل ونمط الحياة القادمة، وضمانات قانونية، مشيرةً إلى أن “الانترنت” يساعد على الخداع والتظاهر، ويجب أن يعرف الشخص ماذا يريد وألا يخجل من التعبير عن نفسه كما هو لأن الهدف من الزواج ليس الطلاق.
وشددت مهنا على أن الهدف الحقيقي هو الزواج والدخول بعلاقة مليئة بالتفاهم والمحبة، لكي تدوم ويكون الأولاد والمجتمع ككل بصحة نفسية وجسدية ممتازة.