داما بوست – خاص| سجلت منطقة جرابلس الخاضعة لسيطرة الاحتلال التركي والفصائل الموالية لها ليلة أمس الأول، عشرات حالات الاختناق بين الأهالي القاطنين في بلدة “ترحين” والقرى المحيطة بها بشكل مفاجئ، نتيجة استنشاقهم لروائح غريبة وكريهة منبعثة من المنطقة الصناعية التابعة لمسلحي الفصائل على أطراف البلدة.
وانتشرت مقاطع فيديو عديدة عبر تنسيقيات ومعرفات المسلحين على مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر تعرض الأهالي للاختناق، الأمر الذي سارعت التنسيقيات ذاتها إلى تبريره، على أن الرائحة نجمت عن تسرّب نفطي من إحدى حراقات تكرير النفط البدائية غير الشرعية، المنتشرة بكثرة في محيط بلدة “ترحين”.
مصادر أهلية لـ “داما بوست” من جرابلس، تحدثت عن تسجيل حالات اختناق شديدة وصلت إلى مشافي المدينة إبان الحادثة، في تعذر علاجها بالمركز الصحي في “ترحين”، ونقلت عن مصابين قولهم أنهم استنشقوا بعيد حلول منتصف ليل الاثنين، فجر الثلاثاء، رائحة غريبة لم يعهدوها سابقاً، قبل أن يشعروا بضيق حاد في التنفس وصل إلى حد الاختناق واحمرار العينين والسعال بشكل متواصل.
فصائل أنقرة أصرّت بعد الجدل الحاصل حول الاختناق، على روايتها السابقة التي تحدثت عن التسرّب النفطي، قبل أن تعود برواية أن ما حدث نتج عن تسرب “غازات سامة” من أحد “الحراقات” أثناء محاولة تشغيله لإنتاج المحروقات، إلا أن الأسباب التي تحدثت عنها مصادر “داما بوست” اختلفت تماماً عن روايات المسلحين.
مصادر “داما بوست” أكدت نقلاً عن تسريبات وصلت إليها من داخل أروقة قيادات الفصائل، أن الروائح التي استنشقها الأهالي، انبعثت من مصنع تابع للفصائل المسلحة، التي عملت خلال الأشهر الماضية على تمويه ماهية عمله من خلال إنشائه في منطقة انتشار “الحراقات” النفطية قرب “ترحين”، على مسافة قريبة من أحد مخيم البلدة الذي يؤوي مئات المدنيين.
وتبين بحسب ما تم تسريبه من معلومات للمصادر، بأن المعمل الذي يخضع لحراسة أمنية مشددة من مسلحي الفصائل، مختص بتصنيع وإنتاج المواد الكيميائية السامّة لأغراض حربية، وبالتالي فإن حالات الاختناق كانت نتيجة تسرب لغازات كيميائية سامة، على ما يبدو أنها انبعثت أثناء إجراء التجارب على المواد التي يتم تصنيعها في المعمل.
وأشارت المصادر إلى وجود عدد كبير من مسلحي الفصائل المكلفين بحراسة المعمل، تعرضوا بالفعل للاختناق جراء الحادثة، إلا أنهم نُقلوا مباشرة بشكل سري إلى نقطة طبية خاصة بالفصائل على أطراف مدينة جرابلس، وليس إلى مشفى المدينة.
وتشكّل بلدة “ترحين” التجمع الرئيسي لإنتاج المشتقات النفطية بطريقة غير شرعية لعموم مناطق سيطرة أنقرة وفصائلها بريف حلب، وتضم عشرات “الحراقات” البدائية لتكرير النفط الخام، حيث شهدت تلك البلدة خلال السنوات الماضية العديد من حالات الانفجار لتلك “الحراقات” نتيجة الأخطاء والطريقة البدائية في تشغيلها، ما تسبب بحصد أرواح وإصابة العديد من المدنيين، إلا أن حادثة الاختناق الجماعي تعدّ الأولى من نوعها التي يتعرض لها سكان المنطقة منذ سيطرة الفصائل عليها قبل نحو 8 سنوات.