داما بوست- منهل إبراهيم| كمن يريد أن يركب مطية دون أن يدخلها لحظيرته، هكذا يفعل الغرب بتركيا، يجعلها تراوح في مربع الاحتلال، ويريد استخدامها وتسخيرها في خدمة آلته العسكرية وحروبه، كما يحصل اليوم في حرب الغرب ضد روسيا على الأرض الأوكرانية، فطائرات (بيرقدار التركية) حاضرة في المعركة وفي خدمة الناتو والنازية الأوكرانية، وتجاه سوريا يحصل الأمر ذاته، فالغرب يدفع بأردوغان لمزيد من التورط في سوريا وخرق سيادتها بالاحتلال.
الغرب يستخدم أردوغان في خدمة حروبه وأحلافه دون أن يدخله في حظيرته الأوروبية، وربما جعل منه ومن تركيا “كبش فداء” مقابل إدخال أعضاء جدد لحلف الغرب الأطلسي كما هي الحال مع السويد وفنلندا، فمشاكل نظام أردوغان أكثر من أن تعد وتحصى على الصعيدين الداخلي والخارجي، وهو يطمح أن يحلها مساوماً “الناتو” على مسائل انضمام بعض الدول لبوتقته.
وبالرجوع للوراء حين قال وزير الخارجية التركي السابق مولود جاويش أوغلو إن محادثات أردوغان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في بطرسبورغ “نجحت في التوصل إلى اتفاق بشأن قيام آلية مشتركة لدعم الحل السياسي للأزمة في سوريا كان يراوغ والفطنة السياسية كانت كفيلة في ذلك الحين في وضع جميع التصريحات التركية في خانة خطب ود روسيا لبعض الوقت لتمرير حادثة إسقاط المقاتلة التركية على خير وتحسين ظروف العلاقات مع موسكو.
واليوم وعبر تصريحات أردوغان حول سوريا بمواصلة أعماله الاحتلالية تم تعرية وكشف المزيد من نوايا تركيا الحقيقية تجاه سوريا خصوصاً ودول المنطقة على وجه العموم بما فيها العراق، وبالتالي فإن الكذب والادعاء والمراوغة لن يفيد النظام التركي في تصفير مشاكله وسيعود إلى المربع الأول الذي انطلق منه في العزلة والفوضى والانهيار بسبب استمرار قفزه فوق الحقائق وتواصل سياسته العدائية المفتوحة تجاه سوريا وشعبها، عبر المراوحة ضمن مربع الاحتلال والتدخل والتوغل في الأراضي السورية والعراقية بزعم حماية تركيا من التهديدات.
وكما حدث في سابقات الأيام يكذب أردوغان اليوم ويزور الحقائق ويصور للعالم أنه صديق للشعب السوري، وهدفه نبيل في عدوانه على الأراضي السورية.
ومع سياسات أردوغان العدوانية والتوسعية تعود تركيا اليوم كما حصل بالأمس لنقطة الصفر التي انطلقت منها في سياستها لتصفير مشاكلها والتي انتهت بالفشل الذريع بعد أن عطب عداد المشاكل من كثرة تدخلات النظام التركي في دول الجوار ودعم الفصائل المسلحة الموالية له في سوريا، وخرق سيادتها وسيادة العراق.
وبكل تأكيد لن يتحول نظام أردوغان لحمل وديع بين يوم وليلة، وداعية لحل المشاكل والأزمات في المنطقة، وسوريا تدرك جيداً بعد تصريحات أردوغان الأخيرة نوايا النظام التركي الاحتلالية تجاه سوريا وطمعه في السيطرة على أراضيها إن استطاع إلى ذلك سبيلاً في سياق حلمه التوسعي العثماني.
اليوم وكما يرشح من تصريحات أردوغان هناك خطوة جديدة تخطوها تركيا في اتجاه تعقيد الأوضاع في سوريا والمنطقة، وليس بالطبع إصلاح ما أفسدته سياستها الخارجية خلال الفترة السابقة، خصوصاً في إدارة علاقات التعاون المشترك مع روسيا، ولاشك أن النظام التركي يراوغ روسيا حين يتحدث عن رغبته في تطوير العلاقات الثنائية وحل أزمات المنطقة بما فيها الأزمة في أوكرانيا وسوريا.
لاشك أن التوجه التركي الجديد في مواصلة الأعمال التي لا نعرف ماقصده بها أردوغان يهدف إلى خدمة أجندات تركيا في سوريا، وتحقيق تقدم في أطماعها، ولاشك أيضاً لسفك المزيد من دماء الشعب السوري بحجة حمايته، وهو الوتر الذي يعزف عليه أردوغان منذ بداية الأزمة بغية سلخ آراضي من سوريا في سياسة الحلم “العثماني” الذي لن يكتب له التحقق على الأراضي السورية.