ماذا لو انسحبت أمريكا من العراق…؟

داما بوست-خاص

ماذا لو انسحبت أمريكا من العراق…؟ سؤال بات يتردد في الآونة الأخيرة ويفرض نفسه بقوة على ضوء سعي العراق عبر المفاوضات لإخراج القوات الأمريكية من البلاد.

وبالعودة إلى الوراء فإن الظهور الأول لـ قوات الاحتلال الأمريكي في الأراضي السورية يعود إلى صيف العام 2016، حيث ظهرت من خلال مجموعات تزعم مقاتلة تنظيم “داعش” الإرهابي في محيط بلدة التنف، وصولاً إلى أطراف بلدة “حميمة”، وسط البادية السورية، فيما يعود تاريخ العمليات الأولى لـ التحالف الأمريكي على المستوى الجوي إلى مجموعة من الغارات التي ضربت “داعش”، حين محاولته اقتحام مدينة “عين العرب – كوباني”، في صيف العام 2015، ومن الأكيد أن واشنطن لم تتخذ قرار الدخول إلى الأراضي السورية إلا لكونها تمتلك وجوداً عسكرياً في العراق، وهذا الوجود يشكل حديقة خلفية للقواعد الأمريكية المنتشرة في سوريا، وقياساً على المفاوضات التي تجريها الحكومة العراقية مع التحالف الذي تقوده واشنطن لسحب القوات الأجنبية من العراق، وإذا ما تكللت هذه المفاوضات بخروج فعلي للقوات الأمريكية من كامل الأراضي العراقية بما فيها إقليم شمال العراق “كردستان”، بوصفه جزء من الأراضي الرسمية لجمهورية العراق حتى وإن كان يتمتع بحكم ذاتي، فإن الإدارة الأمريكية أمام خيارين لا ثالث لهما على المستوى المنظور.

الأول التنسيق مع أنقرة لتكون الأراضي التركية حديقة خلفية للوجود الأمريكي في سورية، وهذا سيعني تغيراً جذرياً في المعادلة السياسية والميدانية فيما يخص الشمال السوري، وستكون واشنطن مجبرة على تقديم تنازلات كبرى فيما يخص وجود قوات سورية الديمقراطية بالقرب من الشريط الحدودي المشترك بين سورية وتركيا، وبالتالي فإن قسد ستكون الخاسر الأكبر من أي توافق دولي، وقادة “قسد”، يدركون أنهم الحلقة الأضعف في أي توافق دولي، ولن تفضل واشنطن علاقتها مع الفصائل الكردية المسلحة، على علاقتها مع تركيا التي تعد القاعدة المتقدمة لحلف شمال الأطلسي في الشرق الأوسط، وعليه فإن هذا الاحتمال لا يبدو قابل للتطبيق، فـ “قسد”، لن تقبل بأن تنسحب من الشريط الحدودي لصالح انتشار قوات تركية أو فصائل موالية لـ أنقرة، وستدخل معركة لن تكون في صالحها، ولكن في الطرف الآخر لن يغامر الأتراك بمثل هذه الخطوة، والسبب هو تنسيقهم مع الروس في جملة من الملفات الحيوية من بينها سورية.

الخيار الثاني بالنسبة للأمريكيين هو الانسحاب من الأراضي السورية، وهذا يبدو منطقياً فـ خسائر قوات الاحتلال الأمريكي على المستوى البشري والمادي خلال البقاء في سورية ستصبح مضاعفة إذا ما انسحبت من العراق ولم تجد بديلاً عن الوجود في العراق، وبالنظر إلى الخريطة فإن محاولة الاستفادة من الوجود الأمريكي في الأردن تبدو صعبة، إذ أن واشنطن تحتاج إما لاستخدام الأراضي العراقية لتضمن نقل قوافل الإمداد من الأردن إلى مناطق شرق الفرات، أو ستقوم باستخدام الطيران في نقل هذا الإمداد، والعملية مكلفة على المستوى المادي، ما يجعل الوجود في سورية عملية صعبة ومكلفة إذا ما انسحبت من العراق، وهذا أن قسد باتت اليوم أمام ضرورة السؤال عن ماهية خياراتها السياسية في حال أخلت واشنطن قواعدها في سورية..؟

الخيارات امام قسد، هي إما التنسيق مع الدولة السورية لتضمن وجودها على المستويين السياسي والميداني في مرحلة ما بعد الانسحاب الأمريكي، وهذا سيفضي إلى تخليها عن الشروط التعجيزية التي تطرحها لقبول التفاوض مع الحكومة حول مصير المنطقة الشمالية الشرقية من سورية من بينها قبول دمشق بـ “الإدارة الذاتية”، وإقرارها دستورياً، إضافة إلى الاعتراف بـ قسد، ككيان عسكري مستقل أو شبه مستقل، وبالتالي فإن قسد ملزمة بـ التنازلات وربما البحث عن مخارج تضمن بقاء قياداتها خارج إطار الملاحقة القانونية لعل من أخطرها تسهيل دخول قوات الاحتلال الأمريكي والتعامل معها، إضافة لتسهيل دخول عدد من وسائل الإعلام الإسرائيلية في العام 2019.

الخيار الثاني هو التعنت السياسي، والذهاب نحو مواجهة مفتوحة مع الدولة السورية على المستوى الميداني، وفي مثل هذه الخيار، ما الذي تملكه “قسد”، ميدانيا لتستطيع الدخول في معركة طويلة الأمد وسط عدم امتلاكها مقاتلين يؤمنون بمشروعها السياسي سواء أكان حكماً ذاتيا، أو انفصالا عن الدولة السورية، فالمكون العربي (أبناء العشائر)، يشكلون ما نسبته 70 بالمئة من إجمالي تعداد قسد، وعليه فإن تخلي هؤلاء عن السلاح في حال البدء بمعركة ضد الدولة السورية سيعني بالضرورة انهيار سريع لـ قسد، وانكفاء ما يسمى بـ “الوحدات الكردية”، التي تعد امتداداًـ لـ حزب العمال الكردستاني الموضوع على لائحة المنظمات الإرهابية إلى المناطق القريبة من الحدود أو تلك التي تصنف على إنها “مناطق كردية”، وضمن هذه المناطق أساساً ينقسم الكرد حول مشروع قسد، بين مؤيد ومعارض بشدة، وعليه فإن الانسحاب الأمريكي من العراق سيعني بالضرورة انسحاب من سورية، وبالتالي نقطة بداية حقيقية لتفكك قسد وانهيار مشروعها.

تابعونا على فيسبوك تلغرام تويتر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار
وزير التجارة ‏الداخلية: مخزون القمح يكفي لأكثر من ‏عام.. التشدد باتخاذ أقصى العقوبات ‏للمحتكرين استقرار سعر غرام الذهب في السوق المحلي استقرار أسعار النفط قبل اجتماع "أوبك+" من واشنطن.. الملك عبدالله الثاني يؤكد رفضه كل ما يهدد أمن واستقرار سوريا ريال مدريد يتكبد الهزيمة الثانية في الليغا الحرارة حول معدلاتها وأمطار محلية خفيفة متوقعة على بعض المناطق أبرز المباريات العربية والعالمية اليوم الخميس في اليوم الـ426 للعدوان.. حملة اعتقالات واسعة تطال نابلس ليفربول يتعثر أمام نيوكاسل.. والسيتي يستعيد ذاكرة الانتصارات وزير الخارجية المصري يؤكد في محادثات مع نظيريه الإيراني والأميركي وقوف بلاده إلى جانب سوريا كوريا الديمقراطية تؤكد دعمها وتضامنها الكاملين مع سوريا تونس تندد بالهجمات الإرهابية شمال سوريا بضغط عشائري.. "قسد" تسمح للوافدين العرب بالدخول لمناطقها مصدر في وزارة الكهرباء يبين الوضع الكهربائي في محافظة حلب بعد دخول الإرهابيين إليها وزير الخارجية لـ قائد قوة الأمم المتحدة بالجولان: نرفض الإجراءات غير القانونية للاحتلال المالكي يدعو للوقوف مع سوريا بوجه الإرهاب: سقوطها يعني استباحة المنطقة بأكملها "السادة المعامرة الأشراف" بالحسكة: الالتفاف حول الجيش في حربه ضد المجاميع الإرهابية مجلس الشعب يقر مشروع قانون موازنة 2025 قوائم لاهاي السوداء وشبح الاعتقال يطاردان جنود الاحتلال وقادتهم عضو المكتب التنفيذي بريف دمشق لداما بوست: حوالي 40 ألف وافد من حلب وحماة السـورية للطيران: معالجة كافة تذاكر سفر الوافدين من محافظة حلب بكل مرونة مدير النقل الطرقي يتحدث لـ "داما بوست" عن الاجراءات التي تم اتخاذها فيما يتعلق بنقل حلب عشائر دير الزور برسالة للتحالف الأميركي: لسنا تنظيم "داعش".. وسنتعامل مع أي معتد مصدر في وزارة التموين لـ "داما بوست": المخابز تعمل بكامل طاقتها في جميع المناطق دون الحاجة لأوراق ثبوتية.. التربية والتعليم العالي: يمكن للطلبة الوافدين من حلب الالتحاق بالمدارس وا...