يسود الإحباط الأجواء في لبنان من إمكانية التوصل لحل سياسي يفضي لملء الشاغر الرئاسي في البلاد، بعد 9 أشهر من فراغ منصب الرئاسة عقب انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون. وفي هذا الإطار تحاول فرنسا لعب دور الوساطة لحل عقد الملف حسب زعم حكومتها.
حيث اختتم الموفد الرئاسي الفرنسي، جان إيف لودريان، زيارته الثانية يوم الخميس الماضي إلى لبنان، بعد أن التقى مختلف القوى السياسية، ختاماً برئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، على أن تُستأنف الزيارة في سبتمبر/أيلول المقبل، من أجل انتخاب رئيس للجمهورية.
وأصدرت الدبلوماسية الفرنسية بياناً حول زيارة الموفد الرئاسي جان إيف لودريان، إلى لبنان، والذي شدد أمام جميع من التقاهم على “ضرورة الخروج من المأزق السياسي والمؤسسي الحالي الذي يفرضه تمديد الشغور الرئاسي مع ما يشكل من مخاطر كبيرة على لبنان ودولته واستقراره”.
واقترح لودريان في زيارته على جميع الفاعلين المشاركين في عملية انتخاب رئيس للجمهورية، دعوتهم في سبتمبر/أيلول، إلى اجتماع في لبنان يهدف إلى التوصل إلى توافق حول القضايا والمشاريع ذات الأولوية المفترض أن يقوم بها رئيس الجمهورية والمواصفات المطلوبة فيه للقيام بها، حسبما جاء في البيان.
وكان الموفد الفرنسي للبنان جان إيف لودريان، زار بيروت للمرة الثانية لبحث سبل التوصل لحل في هذا الشأن، حيث تندرج زيارته ضمن مهمته التي ترمي إلى إنشاء الأطراف المعنية ظروفاً مواتية للتوصل إلى حل توافقي بغية انتخاب رئيس للجمهورية، فيما يستبعد مراقبون للأزمة السياسية في لبنان أن تحمل زيارة لودريان أي جديد في هذا الملف.
وتنقسم الأطراف المُحبطة في آرائها حول أسباب الاستبعاد لاحتمالية التوصل لحل، بين من يرى أن فرنسا لا تستطيع أن تساهم بحل أزمة في لبنان، فالدول الأوروبية لا ترغب بأجواء يسودها الاستقرار في لبنان، وبين آخرين يرون أن الحل بأياد لبنانية وليس أجنبية.
إذ يرى محللون لبنانيون أن زيارة لودريان لا تحمل أي بوادر جديدة، وتنغلق على كونها زيارة سريعة واستطلاعية فقط، عدا عن كون لبنان يغرق في أزمات اقتصادية على خلفية قضايا حاكم مصرف لبنان المركزي.
وفي الطرف المقابل، يعول البعض على قدرة التدخل الخارجي بتعديل الوضع اللبناني، وفي حديث خاص لـ “داما بوست” يرى المحلل السياسي سمير الحسن “أن زيارة لودريان تندرج في سياق استكمال المساعي لانتخاب رئيس جمهورية” ويقول “الحسن”.. “لودريان أكد على ضرورة الحوار بين الأفرقاء، وضرورة تجاوب الكتل النيابية، وأبلغ جميع الأفرقاء على إنجاز الاستحقاق مطلع أيلول، إضافة إلى أنه اقترح عقد جلسات متتالية لانتخاب رئيس”.
ومن وجهة نظره، يؤكد “الحسن” أن حديث لودريان في لبنان هو مؤشر لدعم خيار تسلم النائب الأول لحاكم مصرف لبنان للحفاظ على الوضع الحالي واستقرار سعر الصرف لحين انتخاب رئيس للبلاد، وأن فرنسا واللجنة الخماسية حريصة على عدم حدوث انهيار وفوضى مجتمعية”.
وبينما تتباين الآراء حول دور فرنسا في لبنان، يعول المحلل “الحسن” على الدور الفرنسي في إرساء الاستقرار في لبنان، إذ يرى أن “الزيارة هي استمرار للمبادرة الفرنسية ولحض اللبنانيين على الحوار، بالرغم من الاستعصاء الداخلي، هناك حرص فرنسي بوقف الانهيار والبدء بالحوار، ولكن حتى الآن يوجد انسداد ولا مؤشرات على حلول قريبة”.
ويشهد لبنان انقساماً بين الأطراف الداخلية وخلافات عميقة تمنع التوافق على انتخاب رئيس للبلاد، ومنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في نهاية تشرين الأول/أكتوبر، فشل البرلمان بجلساته جميعها في انتخاب رئيس على وقع انقسام سياسي، ولا يحظى أي فريق بأكثرية تمكّنه من إيصال مرشحه إلى المنصب، ويتهم كل فريق الآخر بمحاولة فرض مرشحه وبتعطيل انتخاب رئيس في الوقت الذي تغرق فيه البلاد في أزمة اقتصادية وتبعات كارثية.