شتاء قاسٍ في شمال سوريا: المخيمات تُترك لمصيرها وسط تساؤلات عن مصير التبرعات

تعيش مناطق شمال سوريا المحاذية للحدود التركية واحدة من أقسى فصول الشتاء منذ سنوات، مع تساقط كثيف للثلوج وانخفاض حاد في درجات الحرارة، في وقت تحوّلت فيه هذه المناطق إلى الملاذ الأخير لآلاف النازحين وبقايا سكان المخيمات الذين ما زالوا عاجزين عن العودة إلى منازلهم المدمّرة بعد سنوات طويلة من الحرب.

في هذه البقع المنسية، يواجه النازحون شتاءً قاسيًا داخل خيام مهترئة ومساكن بدائية لا توفّر الحد الأدنى من الحماية من البرد أو الأمطار، ما يضاعف معاناتهم اليومية، خصوصًا الأطفال وكبار السن والمرضى، الذين يدفعون الثمن الأكبر في ظل غياب مقومات الحياة الأساسية.

تدهور غير مسبوق في الخدمات:

بحسب ناشطين سوريين، فإن الاعتقاد السائد بأن أزمة مخيمات الشمال السوري انتهت بعد سقوط النظام السابق لا يعكس الواقع، بل على العكس، فقد ازدادت معاناة المخيمات بشكل ملحوظ خلال الفترة الأخيرة.

ويؤكد الناشطون أن:

1- أغلب المشافي والنقاط الطبية توقفت عن العمل

2- المنظمات الإنسانية خفّضت دعمها أو انسحبت، واتجهت نحو المناطق الداخلية

3- الاهتمام الإعلامي تراجع بشكل شبه كامل، بعد أن غادر كثير من الإعلاميين والناشطين الذين كانوا يتاجرون بقضية المخيمات نحو مواقع ومصالح أخرى

ويصف ناشطون الوضع الحالي في المخيمات بأنه كارثي بكل المقاييس، مشيرين إلى أن بعض العائلات تنام دون طعام كافٍ، ولا يتوفر لها سوى الخبز في أفضل الأحوال.

أسئلة مشروعة عن مصير ملايين التبرعات:

أثار هذا الواقع حالة استياء وغضب واسع بين السوريين، الذين أعادوا طرح تساؤلات قديمة متجددة حول مصير مئات ملايين الدولارات التي جُمعت عبر حملات تبرع واسعة، خُصصت أحيانًا لكل محافظة أو مدينة على حدة، تحت عناوين مختلفة.

ويتساءل مواطنون:

1- أين ذهبت حملات “فزعة” التي أُطلقت باسم المحافظات والمدن؟

2- لماذا لم تُترجم هذه التبرعات إلى دعم النازحين من برد الشتاء وحر الصيف؟

3- هل صُرفت تلك الأموال فعلًا لأجل المخيمات، أم استُهلكت في مناسبات واحتفالات ومشاريع هامشية لا علاقة لها بأولويات الناس؟

هذه الأسئلة، التي تتكرر اليوم بقوة، تعكس فجوة عميقة بين حجم الأموال التي جُمعت وحجم المأساة القائمة، وتضع الجهات القائمة على الحملات، أمام مسؤولية أخلاقية وإنسانية لا يمكن تجاهلها.

مأساة مستمرة بلا أفق واضح:

في ظل غياب حلول جذرية، واستمرار تراجع الدعم الإنساني، يبدو أن مخيمات الشمال السوري تُركت لمصيرها، في وقت تحوّل فيه النازحون إلى ضحايا منسيين لمرحلة ما بعد الحرب، حيث لا قصف ولا معارك، لكن الفقر والبرد والإهمال تؤدي الدور نفسه ببطء وقسوة.

ويحذّر ناشطون من أن استمرار هذا الواقع دون شفافية أو مساءلة حقيقية لن يؤدي فقط إلى تعميق المعاناة الإنسانية، بل سيقوّض ما تبقى من ثقة المجتمع بأي مبادرات أو حملات مستقبلية، ويجعل المخيمات عنوانًا دائمًا للفشل الجماعي في حماية أكثر الفئات ضعفًا.

إقرأ أيضاً: حر خانق يهدد حياة النازحين في الشمال السوري: استغاثات من مخيمات إدلب

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.