شتاء جرمانا يكشف هشاشة البنية التحتية: شوارع تغرق في الوحل
مع حلول موسم الأمطار، تتحوّل شوارع مدينة جرمانا إلى مشهد يومي من الوحل ومياه الصرف الصحي، ما يعكس هشاشة البنية التحتية وغياب حلول دائمة لمشكلات الصرف الصحي في المدينة.
داني، موظف في الموارد البشرية، يصف يومه المعتاد مع كل منخفض جوي: “المسافة بين منزلي وموقف الباص لا تتجاوز عشر دقائق في الأيام الجافة، لكن مع المطر أحتاج ربع ساعة إضافية لتفادي الغرق في الوحل”، ويشرح كيف يضطر لتغيير مساره المعتاد لتفادي شوارع غارقة وطرقات يختلط فيها المطر بمياه آسنة، ما يجعل التنقل صعبًا ويضطره لتنظيف حذائه قبل الوصول إلى العمل.
المشهد متكرر في أحياء واسعة من المدينة؛ فالشوارع الفرعية تتحوّل إلى برك طينية، والأرصفة غالبًا غير صالحة للمشي، بينما تتجمع مياه الأمطار بلا تصريف فعال. أحد أصحاب المحال في منطقة أوسكار يقول: “مطر عادي يكفي لكي نغرق في الوحل”.
المياه الآسنة ومشكلات الصرف الصحي تمثل جانبًا آخر من الأزمة. بعض المجاري تفيض أو تنسد بالكامل، ما يؤدي إلى انتشار روائح نفاذة وتشكل برك ملوثة تستمر لأيام. أبو خالد، من حي الحمصي، يوضح أن المشكلة “قديمة ومتكررة.. كل شتاء نشتكي، ثم نعود إلى نفس النقطة مع المطر التالي.”
حتى بعض سكان حي القريات اضطروا للقيام بإصلاحات على نفقتهم الخاصة، حيث تم جمع مبالغ من كل منزل لتغطية تكاليف تصليح الصرف الصحي وانسداده.
الأطفال أمام تحدٍ يومي
بالنسبة للعائلات، يصبح الشتاء موسم تحديات مضاعفة. ريما، أم لطفلين، تقول إن إيصال أبنائها إلى المدرسة في أيام المطر “مهمة مرهقة”، مضيفة أن الأطفال لا يعرفون التعامل مع الوحل، وأن البرد والطرقات الموحلة يزيدان من صعوبة التنقل، ما يجعل الصباح تجربة متعبة للعائلات.
تالا، من حي القريات، تشير إلى أن اختلاط مياه الأمطار بالقمامة المتراكمة يخلق “مشهدًا مقيتًا”، مؤكدة أن الخروج من الحارات الفرعية إلى الشارع الرئيسي يتحول إلى مغامرة صباحية كل شتاء.
تفاوت داخل المدينة الواحدة
تختلف حالة البنية التحتية من حي إلى آخر داخل جرمانا، فبعض الشوارع تصرّف المياه بسرعة، بينما تتحول أخرى إلى برك وحل متكرر، ما يجعل جودة الحياة اليومية مرتبطة بموقع السكن أكثر من أي معيار آخر. ميادة، موظفة، تشير إلى أن بعض الحارات الأقل تأثرًا بالوضع المائي ترتفع فيها أسعار الإيجارات، إذ يعرض ملاك العقارات المنازل الأكثر أمانًا من الوحل كميزة يجب دفع ثمنها.
حين يصبح الخروج تحديًا
بالنسبة لداني، الوصول إلى موقف الباص بعد مواجهة الشوارع الموحلة يصبح بمثابة إنجاز صغير، لكنه يذكّره بأن الخروج من المنزل في جرمانا شتاءً ليس أمرًا بديهيًا، ويُفضل أحيانًا البقاء في المنزل إن أمكن.
تكرار هذه الظروف السنوية يطرح تساؤلات جدية حول متى ستجد المدينة حلولًا دائمة لمشكلات الصرف الصحي والهياكل المائية، لتخفيف العبء عن سكان جرمانا وضمان مستوى معيشي لائق في موسم الشتاء الذي يتكرر كل عام.
اقرأ أيضاً:حليب الأطفال في سوريا… ضرورة تتحول إلى عبء ثقيل في ظل الأزمة المعيشية