توتر أمني وإصابات خلال احتجاجات في الساحل السوري وحماة وحمص

تحولت احتجاجات سلمية خرجت، اليوم الأحد، في عدد من مدن الساحل السوري للمطالبة بوقف القتل والعنف والفيدرالية وحماية السلم الأهلي، إلى مواجهات أمنية واشتباكات مسلحة، في ظل تضارب الروايات حول الجهة التي استخدمت السلاح، وتصاعد المخاوف من توسيع دائرة العنف وقمع حق التظاهر.

وبحسب شهادات متقاطعة من مشاركين في الاحتجاجات ورصد ميداني، تجمع آلاف المواطنين في مدينة اللاذقية عند “دوار الأزهري” في وقفة سلمية رفعوا خلالها شعارات تطالب بوقف القتل، والإفراج عن الموقوفين، وحماية السلم الأهلي، ووقف عمليات خطف النساء، إلى جانب شعارات نادت بالفيدرالية.

وأكدت المصادر أن المحتجين تمكنوا من الوصول إلى موقع الوقفة دون منع مباشر من قوى الأمن، وسط انتشار أمني مكثف في المنطقة، قبل أن يتصاعد التوتر لاحقاً مع سماع إطلاق نار في محيط التجمع.

وفي وقت لاحق، شهدت المدينة تجمعاً آخر انطلق من “دوار الزراعة”، رفع فيه المحتجون مطالب مماثلة، مؤكدين على سلمية تحركاتهم ورفضهم الانزلاق نحو العنف أو الاقتتال الأهلي. إلا أن مظاهرة مضادة ظهرت سريعاً في المكان ذاته، ورفعت شعارات مؤيدة للحكومة السورية، واتهمت المحتجين بالتحريض وتهديد السلم الأهلي.

وبحسب روايات محلية، تصاعد التوتر بعد محاولة متظاهرين من الطرف المؤيد للحكومة الاقتراب من التجمع السلمي، ما أدى إلى حالة فوضى وتدخل أمني للفصل بين الجانبين.

لاحقاً، تداولت صفحات محلية مقاطع مصورة تُظهر إطلاق نار في عدد من أحياء اللاذقية، واشتباكات في محيط أبنية سكنية، إضافة إلى حرق وتكسير سيارات ودراجات نارية. كما أظهرت مقاطع أخرى دخول دبابات ومدرعات تابعة للجيش السوري إلى داخل المدينة، ولا سيما في محيط “دوار الأزهري”، ما أثار حالة من الذعر بين المدنيين.

ونقلت وسائل إعلام عن مديرية صحة اللاذقية سقوط 3 ضحايا وإصابة نحو 60 شخصاً، جرى نقلهم إلى مشافي المدينة نتيجة أحداث اليوم، دون صدور توضيحات رسمية مفصلة حول طبيعة الإصابات أو ظروف وقوعها.

في المقابل، قالت وكالة “سانا” الرسمية إن عنصراً من قوى الأمن الداخلي قُتل برصاص مسلحين وصفتهم بـ”فلول النظام”، خلال الاشتباكات التي شهدتها مدينة اللاذقية، معتبرة أن القوات الأمنية كانت تتصدى لهجمات مسلحة.

بدوره، صرّح قائد الأمن الداخلي في اللاذقية، العميد عبد العزيز الأحمد، أن “عناصر إرهابية تابعة لفلول النظام” اعتدت على عناصر الأمن في اللاذقية وجبلة، ما أدى إلى إصابة عدد من العناصر وتكسير آليات شرطية. وأضاف أن الأجهزة الأمنية رصدت وجود مسلحين ملثمين يتبعون لما يُعرف بـ”سرايا الجواد” و”سرايا درع الساحل”، قال إنهم أطلقوا النار في الهواء خلال الاحتجاجات.

في المقابل، اتهم مشاركون في التظاهرات وناشطون محليون عناصر أمن، إضافة إلى أشخاص بلباس مدني، بإطلاق النار باتجاه المحتجين، واستخدام أسلحة بيضاء لتفريقهم، ما أدى إلى سقوط ضحايا ومصابين في صفوف المتظاهرين السلميين، وفق روايتهم.

وامتدت حالة التوتر والاحتجاجات إلى مدن أخرى، بينها جبلة وطرطوس وبانياس، إضافة إلى مناطق في حمص وريف حماة. ففي مدينة جبلة، خرج تجمع احتجاجي سلمي عند “دوار العمارة”، رفع خلاله المشاركون شعارات رافضة للقتل والعنف والطائفية، ومحذّرة من الانزلاق نحو حرب أهلية، مع تأكيدهم على سلمية تحركاتهم.

وبحسب مصادر محلية، حاولت مظاهرة مضادة الهجوم على المحتجين في جبلة، إلا أن تدخل قوى الأمن الداخلي حال دون وقوع اشتباكات مباشرة بين الطرفين.

وتأتي احتجاجات استجابة لدعوة أطلقها رئيس المجلس الإسلامي العلوي الأعلى غزال غزال على خلفية التفجير الذي استهدف مسجد الإمام علي بن أبي طالب في حي وادي الذهب بمدينة حمص، والذي أسفر عن استشهاد 8 أشخاص وإصابة 18 آخرين، ما أثار موجة غضب واسعة في الشارع السوري. واعتبر كثيرون أن التفجير يأتي في سياق تصاعد العنف الطائفي واستهداف المدنيين على أساس هويتهم، في حين أدانت الحكومة السورية التفجير وتعهدت بملاحقة المتورطين.

ومع انتشار الدعوات للاحتجاج منذ يوم أمس وتحديد مواقع التجمعات مسبقاً، حذّرت مصادر محلية وناشطون من أن السماح بظهور مظاهرات مضادة، إلى جانب استخدام القوة الأمنية، قد يدفع باتجاه مزيد من الصدامات، ويقوّض فرص احتواء الغضب الشعبي بوسائل سلمية، في وقت يطالب فيه المحتجون بضمان حقهم في التظاهر والحماية من العنف دون تمييز.

اقرأ أيضاً:احتجاجات الساحل السوري: ماذا يريد العلويون من الحكومة الانتقالية؟

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.