حياة تحتها خنادق: أهالي الرقة يخشون انهيار منازلهم مع توسع شبكات الأنفاق
تواجه مدينة الرقة سباقاً محمومًا مع الزمن، ليس لإعادة الإعمار هذه المرة، بل في حفر شبكات معقدة من الأنفاق التي باتت تخترق أحياءها السكنية ومرافقها الحيوية.
ومع اقتراب موعد نهاية الاتفاق المبرم في مارس 2025 بين “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) والحكومة السورية، يتصاعد القلق الشعبي من تحويل المدينة إلى ساحة معركة “تحت أرضية” في حال فشل جهود الإدماج العسكري.
أنفاق تحت غطاء “مدني”
رصد سكان محليون وناشطون زيادة لافتة في فتحات الأنفاق التي باتت تُرى بالعين المجردة في مختلف أنحاء المدينة.
وتُظهر صور ومقاطع فيديو تم تداولها وتوثيقها خلال النصف الثاني من عام 2025 نشاطاً مكثفاً في مواقع حساسة:
- المرافق الصحية: عمليات حفر واستخدام رافعات لنقل الأتربة أمام “المستشفى الوطني” ومستشفى “المواساة”.
- المنشآت الرياضية: تحول “الملعب البلدي” (الملعب الأسود) إلى بؤرة لأشغال الحفر، حيث رصدت أكوام تراب ضخمة ناتجة عن التوسعات التحتية.
- الأحياء السكنية والنقابات: امتدت الأشغال لتشمل المنطقة الواقعة خلف مبنى نقابتي الصيادلة والمحامين، إضافة إلى أحياء مكتظة مثل “حي الفردوس” الاستراتيجي.


دلالات التوقيت: استعداد لصدام محتمل
يربط مراقبون عسكريون بين تسارع وتيرة الحفر واقتراب تاريخ 31 ديسمبر 2025، وهو موعد انتهاء مفعول الاتفاق الذي وقعته “قسد” مع السلطة الجديدة في دمشق لإدماج مقاتليها في الجيش النظامي.
ويشير المحللون إلى أن “قسد” تعمل على تطبيق استراتيجية “قتال المدن” من خلال ثلاثة أنواع من الأنفاق:
- ممرات أفراد: للتنقل السريع بين المواقع وتجنب الرصد الجوي.
- أنفاق لوجستية: واسعة بما يكفي لمرور العربات العسكرية.
- مراكز قيادة وملاجئ: محصنة بهياكل خرسانية يتم إنتاجها محلياً في مراكز مخصصة كـ “ساحة الأقطان”.
سكان الرقة.. العيش فوق “قنبلة موقوتة”
بعيداً عن الحسابات السياسية، يعيش أهالي الرقة حالة من الرعب اليومي. “سلامة”، أحد سكان المدينة، يصف الوضع قائلاً: “أصوات الحفر تُسمع داخل غرف النوم، والأنفاق تمر مباشرة تحت منازلنا”.
وتتجسد المخاطر التي تهدد المدنيين في ثلاث نقاط أساسية:
خطر الانهيار المعماري: تسببت الأشغال بالفعل في انهيار مبنى بشارع الوادي في مايو الماضي، ونزوح عائلات من حي الفردوس خوفاً من تصدع منازلهم.
طبيعة التربة: تزيد التربة الرملية وقرب المدينة من المائدة المائية لنهر الفرات، بالإضافة إلى النشاط الزلزالي في المنطقة، من احتمالية وقوع كوارث طبيعية تضاعفها التجاويف الاصطناعية.
الدروع البشرية: يخشى السكان من أن وجود هذه الأنفاق تحت المساجد والحدائق والمستشفيات يجعل من المناطق المدنية أهدافاً عسكرية مشروعة في أي نزاع قادم.

صمت رسمي وتصعيد ميداني
بينما ترفض السلطات التابعة لـ “قسد” التعليق على طبيعة هذه المنشآت، تعطي الاشتباكات الدامية التي وقعت في حلب مؤخراً (22 ديسمبر) مؤشراً سلبياً على هشاشة التفاهمات مع دمشق.
يبقى السؤال القائم في شوارع الرقة: هل هذه الأنفاق هي “خيار الضرورة” للاحتماء من التهديدات الخارجية، أم أنها تمهيد لتحويل المدينة إلى حصن عسكري سيتحمل المدنيون وحدهم فاتورة انفجاره؟
اقرأ أيضاً:حملات دهم لـ«قسد» في ريف حلب الشرقي وتبادل اتهامات بخرق الهدنة في الشيخ مقصود والأشرفية
اقرأ أيضاً:أنقرة لـ قسد: الاندماج الفردي أو التحرك العسكري.. والصبر بدأ ينفد