حليب الأطفال في سوريا… ضرورة تتحول إلى عبء ثقيل في ظل الأزمة المعيشية

في ظل تفاقم الأزمات الاقتصادية في سوريا وارتفاع تكاليف المعيشة، تحوّل حليب الأطفال الصناعي من ضرورة أساسية لبعض الحالات الصحية إلى عبء مالي شبه مستحيل على آلاف العائلات، في وقت تتراجع فيه القدرة الشرائية إلى مستويات غير مسبوقة.

ومع الارتفاع الحاد في الأسعار، يجد كثير من الأهالي أنفسهم أمام خيارات قاسية بين تأمين غذاء الرضع الأساسي والتنازل عن احتياجات معيشية أخرى لا تقل أهمية.

رواتب لا تكفي لتأمين غذاء الرضع:

يقول أبو محمد (اسم مستعار)، وهو حارس في أحد المشافي ويقيم مع عائلته في القامشلي، لموقع “الحل نت” إن راتبه بالكاد يكفي لتأمين حليب الأطفال والحفاضات فقط، ما يضطره إلى شراء علبة حليب كل يومين والاستدانة لتغطية باقي احتياجات أسرته.

ولا يختلف حال ماهر، وهو مخبري أسنان بدخل شهري متوسط، إذ يوضح أن قراره بتأمين أفضل أنواع الحليب لأطفاله جاء على حساب جودة حياة الأسرة بالكامل، حيث اضطر للتخلي عن نزهات الأطفال وشراء الملابس وحتى بعض احتياجاته الشخصية.

بدائل غير صحية لدى الأسر الأشد فقراً:

القصص الأكثر إيلامًا تعود إلى العائلات ذات الدخل المحدود، التي تلجأ إلى بدائل غير مناسبة صحيًا بسبب عجزها عن شراء الحليب الصناعي.

وتقول سيدة منفصلة، أم لخمسة أطفال لـ “الحل نت”، إن ضعف الدخل أجبرها على استخدام اللبن (الزبادي) كبديل لطفلها الرضيع، ما أدى إلى تدهور حالته الصحية ومعاناته من مشاكل هضمية. ويبلغ دخل الأسرة أقل من 200 دولار شهريًا، يذهب جزء كبير منه للإيجار والمواصلات.

موقف المنظمات الإنسانية:

من جانبه، أوضح الهلال الأحمر الكردي لـ”الحل نت” أنه لا يعتمد برامج لتأمين أو توزيع الحليب الصناعي، استنادًا إلى توصيات منظمة الصحة العالمية واليونيسيف، التي تشجع على الرضاعة الطبيعية بوصفها الخيار الأكثر أمانًا في البيئات الهشة.

وأشار إلى أن استخدام الحليب الصناعي قد يرافقه مخاطر صحية تتعلق بصعوبة التعقيم وتلوث المياه، إضافة إلى تأثيره السلبي على معدلات الرضاعة الطبيعية.

تفاوت الأسعار وزيادة العبء على الأسر:

تشهد أسعار حليب الأطفال في سوريا تفاوتًا بين الصيدليات والمتاجر الكبرى وبين المدن والأرياف، نتيجة اختلاف العرض والطلب. وأظهرت جولة لـ”الحل نت” في القامشلي أن الأسعار في المتاجر الكبرى أقل بنسبة تتراوح بين 4% و7.6% مقارنة بالصيدليات.

أسعار حليب الأطفال في القامشلي – “الحل نت”

وبررت مستودعات الأدوية هذا الفرق بقدرة المتاجر على شراء كميات كبيرة بأسعار مخفّضة، مقابل التزام الصيدليات بتسعيرات محددة وقدرات شرائية أقل.

ومع ذلك، تبقى الأسعار فوق قدرة شريحة واسعة من السوريين، في ظل ضعف الأجور وارتفاع معدلات البطالة.

أسعار حليب الأطفال في المحال التجارية في القامشلي – “الحل نت”

فقر واسع النطاق:

وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، يعيش 9 من كل 10 أشخاص في سوريا تحت خط الفقر، فيما يعاني واحد من كل أربعة من البطالة، ما يجعل تأمين احتياجات الأطفال الأساسية، وعلى رأسها الغذاء، تحديًا يوميًا للأسر.

إقرأ أيضاً: جهود حكومية لتحسين الأوضاع المعيشية للمعلمين في سوريا

إقرأ أيضاً: عودة الدراجات النارية إلى شوارع دمشق… بين الحاجة المعيشية والخطر المروري المتصاعد

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.