خريطة بلا الجولان تشعل الجدل: منشور لوزارة الخارجية السورية يثير تساؤلات سيادية

أثار منشور نشرته وزارة الخارجية السورية على حسابها الرسمي في منصة “إكس” موجة واسعة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن تضمّن صورة تحمل عبارة «سوريا بدون قانون قيصر» مرفقة بخريطة للبلاد، ظهر فيها غياب هضبة الجولان المحتلة ولواء إسكندرون.

اتهامات بالتفريط مقابل تبرير بـ«خطأ فني»:

وانقسمت ردود الفعل بين من اعتبر ما جرى تنازلاً سيادياً غير مقبول أو رسالة سياسية مقلقة، وبين من رأى أن الأمر لا يتعدى كونه خطأ في التصميم أو الرسم، مطالبين وزارة الخارجية بتوضيح رسمي يضع حدًا للتأويلات.

ورأى ناشطون ومدونون أن إغفال الجولان ولواء إسكندرون، حتى في منشور رقمي، يُعد مسألة حساسة تتجاوز الجانب الفني، خاصة أن الخريطة ترتبط بسياق سياسي عنوانه العقوبات والسيادة الوطنية، ما يضفي عليها دلالات رمزية لا يمكن تجاهلها.

رمزية الجغرافيا في الخطاب السياسي:

ويأتي هذا الجدل في وقت لا تزال فيه هضبة الجولان محتلة من قبل “إسرائيل” منذ عام 1967، فيما يعتبر لواء إسكندرون أرضًا سورية ضُمّت إلى تركيا عام 1939. وكانت دمشق، حتى سقوط النظام السابق، تؤكد في المحافل الدولية حقها في المنطقتين باعتبارهما جزءًا من الأراضي السورية.

ويرى مراقبون أن أي تغييب لهاتين المنطقتين من الخرائط الرسمية، حتى دون قصد، قد يُفهم كتحوّل في الخطاب السياسي أو ارتباك في إدارة الرسائل السيادية، في مرحلة شديدة الحساسية تمر بها البلاد.

تفاعل إعلام الاحتلال:

الجدل لم يبقَ ضمن الإطار المحلي، إذ سارع إعلام الاحتلال الإسرائيلي إلى استثماره. فقد أعاد موقع “إسرائيل هيوم” العبري نشر تغريدة وزارة الخارجية السورية، معتبراً أن نشر خريطة لسوريا بلا مرتفعات الجولان جاء في سياق الاحتفاء برفع العقوبات.

هذا التناول الإسرائيلي زاد من حدة الانتقادات، وسط مخاوف من استغلال أي التباس بصري أو إعلامي لتكريس روايات سياسية تخدم الاحتلال.

مفاوضات مشروطة وسياق إقليمي حساس:

يأتي الجدل بالتزامن مع وساطة أميركية بين سوريا و”إسرائيل” تهدف إلى خفض التوتر والتوصل إلى تفاهمات أمنية. وتأمل دمشق أن تفضي هذه الجهود إلى تراجع “إسرائيل” عن عمليات السيطرة التي نفذتها داخل الأراضي السورية عقب سقوط نظام بشار الأسد.

وفي هذا السياق، كتب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، مطلع كانون الأول/ديسمبر الجاري، أن من “المهم جداً أن تحافظ إسرائيل على حوار قوي وحقيقي مع سوريا، وألا يحدث أي شيء قد يعيق تطور سوريا إلى دولة مزدهرة”.

سيادة مقابل اعتبارات أمنية:

وتشير المواقف المعلنة من الطرفين إلى أن أي تقدم في مسار المفاوضات يبقى مشروطًا باعتبارات أمنية وسيادية. فـ “إسرائيل” تبرر تحركاتها داخل سوريا بما تصفه بـ”التهديدات الأمنية”، وتلمّح إلى إقامة منطقة عازلة منزوعة السلاح تمتد من دمشق إلى جبل الشيخ.

في المقابل، تؤكد دمشق أن أي تفاهمات مستقبلية يجب أن تقوم على احترام السيادة السورية وانسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي المحتلة بعد سقوط نظام الأسد.

بين الخطأ والرسالة:

وفي ظل غياب توضيح رسمي حتى الآن، يبقى السؤال مطروحًا حول ما إذا كان ما حدث سهوًا تقنيًا أم زلّة سياسية في لحظة دقيقة. لكن المؤكد أن الجغرافيا في الحالة السورية ليست مجرد خطوط على خريطة، بل قضية سيادة وهوية وطنية، تجعل أي تفصيل بصري محل تدقيق ومحاسبة.

إقرأ أيضاً: مسؤول إسرائيلي: لا انسحاب من الجولان وواشنطن تتحرّك لصياغة تفاهمات جديدة

إقرأ أيضاً: متآمرون لا شهداء: المناهج السورية الجديدة تُشعل الجدل بعد تغيير توصيف شهداء السادس من أيار

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.