دور “مهربو الصحراء” في ازدهار تجارة الكبتاغون في سوريا بعد سقوط الأسد
يساهم “مهربو الصحراء” بشكل محوري في إنعاش وتطوير تجارة الكبتاغون في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024.
وذلك من خلال استغلال الفراغ الأمني والظروف المناخية القاسية والحاجة الملحة إلى رأس مال سائل في الاقتصاد المنهار، مما يتيح تسييل المخزونات الهائلة من المخدرات.
وقد أجرى موقع “ذا ميديا لاين” تحقيقًا حول استغلال المهربين لهذه الظروف في نقل الكبتاغون الذي أصبح “عملة صعبة”.
تطوير تقنيات التهريب واستغلال الظروف
وفقًا للتحقيق الصحفي، يعتمد المهربون على التطور التكنولوجي ومعرفتهم الدقيقة بالصحراء للتغلب على المراقبة الأردنية:
تقنيات متطورة: يستخدمون طائرات بدون طيار بدائية لحمل كميات صغيرة (3-5 كجم) وبالونات حرارية للحفاظ على ارتفاعها في الهواء البارد، مما يجعل تتبعها صعبًا.
مسارات متقدمة: يتنقلون عبر مسارات مُحددة بدقة في مناطق وعرة مثل منطقة الوعر، وفي صحراء حماد، وتستخدم فرق منظمة أسلوب “رمي المركبات”، حيث تُلقى الطرود من مركبات متحركة.
تكيف المهربين: قال محمد العبد الله، وهو متطوع مجتمعي يراقب التهريب، لـ “ميديا لاين”: “لقد تطورت التكنولوجيا بشكل ملحوظ”
مشيرًا إلى أن انخفاض كميات الضبط ليس بسبب انخفاض التهريب، بل بسبب تكيف المهربين وتسلل شحنات أصغر وأكثر تواتراً.
إعادة تنظيم الشبكات اللامركزية
بحسب التحقيق، بعد انهيار هيكل القيادة الرأسي الذي كانت تديره الفرقة الرابعة سابقًا، أعاد المهربون تنظيم صفوفهم:
هياكل أفقية: تحوّل التنسيق إلى شبكات أفقية مبنية على العلاقات العشائرية والقبلية، خاصة بين الطائفة الدرزية والقبائل البدوية
حيث وصف العبد الله التعاون بأنه “علاقات عمل لا تختفي مع تغير الحكومة”.
قيادات معروفة: تعمل هذه الشبكة بذكاء من خلال منسقين محددين، حيث حدد مراقبو المجتمع المحلي مهربين دروز سوريين
بمن فيهم فارس صيموعة وتيسير صيموعة ورضوان الحلبي وناصر السعدي، كمهربين رئيسيين.
تسييل “العملة الصعبة” في شتاء اليأس
يساهم المهربون في تحويل مخزونات الكبتاغون الهائلة إلى أموال نقدية، مستغلين الانهيار الاقتصادي:
الكبتاغون كـ “رأس مال سائل”: أوضح العبد الله أن “لدينا الآن مقولة: ‘الجمل ثمنه ليرة، لكن لا ليرة'”
مشيرًا إلى أن تجارة الكبتاغون أصبح رأس مال سائلًا ضروريًا في اقتصاد انهارت فيه العملة التقليدية.
سد الفراغ الاقتصادي: ملأ التهريب الفراغ الذي نتج عن اليأس الاقتصادي، حيث لم يكن هناك مصدر دخل بديل بعد أن أجبر الجفاف الرعاة على بيع مواشيهم.
التهديد الشتوي: حذّر أبو خالد، الذي شهد تطور طرق التهريب عبر الصحراء، في تصريح لـ “ذا ميديا لاين”:
“سيكون هذا الشتاء الأخطر. المخزونات هائلة، والحاجة ماسة، ولا توجد فرصة اقتصادية في الأفق”.
ملاحظات حول استمرار التجارة والتحديات:
مزاعم التفكيك والتناقض: أعلن وزير الداخلية السوري في يونيو/حزيران 2025 تفكيك جميع منشآت الإنتاج، لكن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODOC)
أكد في تقريره العالمي عن المخدرات لعام 2025 استمرار تدفق الكبتاغون.
التحدي المستمر: أوضحت أنجيلا مي، رئيسة قسم الأبحاث في مكتب الأمم المتحدة، أن التجارة المستمرة تعكس إما إطلاق مخزونات أو استمرار الإنتاج في مواقع يصعب كشفها
مؤكدة أن “هذه الجماعات الإجرامية تعمل منذ فترة طويلة. ولن يتوقف إنتاجها في غضون أيام أو أسابيع”
اقرأ أيضاً:ما بعد الأسد: من يرث اقتصاد المخدرات في سوريا؟
اقرأ أيضاً:لجنة الظل.. سوريا تعيد تشكيل اقتصادها سراً وشقيق الشرع يتولى المسؤولية