دمشق ترفض استقبال السوريين المُرحّلين قسراً من الدنمارك وتربط التعاون باتفاقيات سياسية ومالية شاملة
أبلغت الحكومة السورية وفداً دنماركياً رفيع المستوى برفضها القاطع استقبال أي لاجئ سوري يتم ترحيله قسراً من الدنمارك، مؤكدة أن العودة الطوعية فقط هي الصيغة المقبولة، وأن أي تعاون أوسع يتطلب اتفاقيات سياسية ومالية تنظم هذا الملف المعقد.
وجاء هذا الموقف خلال زيارة وزير الخارجية الدنماركي لارس لوكه راسموسن إلى دمشق، وهي الزيارة الأولى لمسؤول دنماركي رفيع منذ نحو 15 عاماً، وسط ضغوط داخلية في كوبنهاغن لإيجاد صيغة قانونية تسمح بترحيل السوريين المرفوضة طلبات لجوئهم أو المدانين بجرائم.
دمشق: “لا عودة إلا طوعية… وبشروط”:
تقول الدنمارك إنها مستعدة للتعاون مع دمشق على إعادة السوريين الذين سقط حقهم في الإقامة، وهو ما كشف عنه راسموسن بعد لقائه المسؤولين السوريين.
وأشار الوزير إلى وجود استعداد مبدئي لدى الحكومة السورية لمناقشة الملف، في خطوة تعدّ الأولى من نوعها منذ اندلاع الحرب السورية، ما يمنح الزيارة ثقلاً سياسياً لافتاً في أوروبا.
ويأتي التحرك الدنماركي عقب تصريحات لوزراء سويديين أعلنوا فيها رغبتهم بالتعاون مع دمشق لبحث “إعادة اللاجئين”، في وقت يقيم في الدنمارك نحو 40 ألف سوري، أغلبهم يحملون إقامة مؤقتة.
وبحسب بيانات هيئة العودة الدنماركية، يوجد حتى 31 تشرين الأول/أكتوبر 72 سورياً مرفوض اللجوء لهم أو من أصحاب السوابق الجنائية ينتظرون قراراً بالترحيل، ما يجعل الملف ضاغطاً على الحكومة الدنماركية.
وتؤكد كوبنهاغن استعدادها لتقديم دعم مالي للحكومة السورية مقابل تنفيذ عمليات الإعادة، وهو ما صرّح به وزير الهجرة راسموس ستوكلوند، فيما اعتبر حزب الشعب الدنماركي أن هذا الدعم “شر لا بد منه”.
دمشق تطلب اتفاقيات سياسية وتنموية:
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني قال في مؤتمر صحفي إلى جانب نظيره الدنماركي إن ملف اللاجئين أولوية مشتركة، مشيراً إلى أن الحوار شمل مستقبل العلاقات الثنائية وإعادة التمثيل الدبلوماسي الكامل.
وأكد الشيباني أن “أبواب سوريا مفتوحة أمام جميع أبنائها”، وأن العودة يجب أن تكون طوعية، آمنة، وكريمة، ومرتبطة بدعم تنموي للمناطق التي سيعود إليها اللاجئون.
وشدد على أن العودة القسرية غير مقبولة، وأن أي تفاهمات يجب أن ترتكز على الثقة والاستقرار وتحسين الظروف الاقتصادية.
اللاجئون كورقة تفاوض في مرحلة سياسية جديدة:
يرى مراقبون أن دمشق تتعامل مع ملف اللاجئين باعتباره ورقة تفاوض أساسية، خصوصاً بعد التغييرات التي شهدتها البلاد عقب سقوط نظام بشار الأسد وصعود الرئيس أحمد الشرع.
وذكرت قناة دنماركية أن الشرع كان مدرجاً سابقاً على قوائم الإرهاب بصفته قائداً في “هيئة تحرير الشام”، قبل أن ينفصل عن التنظيم عام 2016، ما أدى لاحقاً إلى رفع العقوبات الدولية عنه.
وبحسب ما كشفه راسموسن لقناة TV 2 الدنماركية، فإن الاجتماع المقبل سيناقش “شروط دمشق” وتفاصيل التفاهمات المطلوبة قبل تنفيذ أي عملية إعادة، وهو ما يشير إلى أن الملف يتجه نحو مفاوضات طويلة قد تعيد رسم العلاقة بين أوروبا وسوريا.
اجتماعات أوروبية في دمشق لبحث الملف:
وفي أواخر تشرين الأول/أكتوبر، جرت اجتماعات في دمشق بين إدارة أوروبا في الخارجية السورية وسفراء السويد وفنلندا والدنمارك لبحث عودة اللاجئين.
وبحسب مصادر حكومية سورية، شددت دمشق على رفض استقبال أي مرحّلين قسراً قبل أن “تتعافى البلاد بالكامل”.
غير أن الخارجية السورية لم تصدر توضيحاً رسمياً في حينه، كما لم تعلّق الخارجية السويدية على هذه المعلومات، وفق ما نقل موقع “الكومبس”.
إقرأ أيضاً: عودة اللاجئين السوريين من لبنان: تصاعد الضغوط وتسهيلات جديدة للرجوع إلى سوريا
إقرأ أيضاً: تصريحات معاون الهجرة والجوازات تثير غضب السوريين: هل تم تخوين اللاجئين؟