لماذا لم يشعر المستهلك بانخفاض الأسعار في الأسواق السورية بعد عام من التحرير؟
قدم نائب رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق السابق،محمد الحلاق، قراءة تحليلية للوضع الاقتصادي في الأسواق السورية بعد عام من قرار فتح المعابر وتسهيل دخول البضائع.
على الرغم من أن هذا القرار أحدث تحسنًا في آليات التسعير وسمح بقياس دقيق لتكلفة المستوردات
إلا أن الحلاق يؤكد أن هذا الانخفاض الفعلي في أسعار السلع على مستوى المستوردين وتجار الجملة لم ينعكس مباشرة على المستهلك النهائي.
أسباب امتصاص انخفاض الأسعار
يعود عدم شعور المستهلك بانخفاض الأسعار إلى عدة عوامل هيكلية ونقدية متداخلة:
التذبذب المستمر في سعر الصرف: يرى الحلاق أن التقلبات اليومية وغير المستقرة في السوق النقدية تعمل بمثابة “ماص” لأي تراجع في كلف الاستيراد.
هذا التذبذب يمتص جزءًا كبيرًا من أثر انخفاض التكاليف، مما يُبقي أسعار التجزئة عند مستويات مرتفعة لا تعبر عن وفرة المعروض.
الغموض في البيئة الضريبية: لا يزال التجار يواجهون حالة من الالتباس وعدم اليقين بشأن ضريبة الدخل على المستوردات
خاصة مع انتظار إقرار نظام ضريبي جديد.
هذا الغموض يجعلهم غير قادرين على احتساب التكلفة النهائية بدقة، فيلجأون إلى تسعير متحفظ يرفع الهامش تحوطًا للمخاطر الضريبية المحتملة.
فوضى الوفرة والانتقال الاقتصادي: التحول المفاجئ من اقتصاد مغلق قائم على الامتيازات إلى اقتصاد أكثر تحررًا أدى إلى “إرباك” في كل حلقات السوق.
وقد أدت الوفرة الكبيرة في السلع، التي تتجاوز أحيانًا حاجة السوق، إلى فوضى تجارية تفقد الأسعار استقرارها بدلاً من خفضها
أي أن التحسن الجزئي في بنية العرض لا يكفي وحده.
الحاجة لوقت للاستقرار: يشدد الحلاق على أن أي انخفاض ملموس يشعر به المستهلك يتطلب فترة زمنية ليست قصيرة
حتى يستقر سعر الصرف وتتحدد الكلفة الحقيقية للبضائع بعيدًا عن الاضطرابات اليومية.
مسارات الحل نحو الاستقرار
للوصول إلى الأسواق السورية الأكثر شفافية واستقرارًا، يحدد الحلاق ثلاثة مسارات أساسية يجب العمل عليها بالتوازي:
استقرار سعر الصرف: يظل هذا العامل النقدي هو الأكثر تأثيرًا في تحديد ما إذا كان المستهلك سيشعر بالتحسن
أم سيبقى محصورًا في مستويات التداول العليا.
وضوح النظام الضريبي الجديد: لإنهاء حالة الحذر والالتباس التي تمنع التجار من التسعير بدقة.
إعادة هيكلة المنظومة التجارية: لتتكيف مع قواعد المنافسة الحديثة وإدارة الواردات بشكل متوازن
بحيث تخدم الوفرة مصلحة المستهلك دون أن تؤدي إلى فوضى تُربك الكلف.
يعكس هذا التحليل أن السوق السوري يعيش أزمة انتقال لا أزمة نقص، وأن الاستقرار يتوقف على الإدارة الرشيدة لهذا الانفتاح التجاري الجديد.
اقرأ أيضاً:هل رفع أسعار الاتصالات في سوريا شراء للوقت؟.. خبير يحذر من مخطط لبيع البنية التحتية
اقرأ أيضاً:مشاركة اقتصادية سورية واعدة في حلال إكسبو 2025 بإسطنبول