طبيب الروبوت في غرفة الفحص: هل الذكاء الاصطناعي آمن حقاً على صحتنا؟
يحمل الذكاء الاصطناعي وعوداً ذهبية بإحداث ثورة في تقديم الرعاية الصحية حول العالم، من تحسين التشخيص إلى تخفيف الأعباء عن الكوادر الطبية المنهكة. لكن، في ظل التبني السريع لهذه التقنيات، تبرز تحذيرات دولية تقلق المرضى والأطباء على حد سواء: هل نسير نحو مستقبل طبّي غير محمي قانونياً؟
تحذير أممي: شبكة الأمان غائبة
منظمة الصحة العالمية في أوروبا دقت ناقوس الخطر في تقرير حديث، محذرة من أن الزيادة السريعة في استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الصحي تجري دون وجود شبكات أمان قانونية أساسية لحماية كل من المرضى والعاملين في القطاع الصحي.
السؤال المحوري الذي يطرح نفسه بقوة:
من يتحمل المسؤولية القانونية عندما يرتكب نظام ذكاء اصطناعي يستخدم في تشخيص المرض خطأً أو يتسبب في ضرر؟
الاستعداد غير متكافئ.. وخطر تعميق الفجوات
الدكتور هانز هنري كلوج، المدير الإقليمي للمنظمة في أوروبا، أكد أن الذكاء الاصطناعي أصبح حقيقة واقعة لملايين الناس، ولكنه حذّر قائلاً: “بدون استراتيجيات واضحة، وخصوصية البيانات، والحواجز القانونية، والاستثمار في محو أمية الذكاء الاصطناعي، فإننا نخاطر بتعميق أوجه عدم المساواة بدلاً من الحد منها”.
التقرير كشف عن تفاوت كبير في الاستعداد الأوروبي لاستقبال هذه التقنية. من بين 50 دولة شملها التقرير، أربع دول فقط لديها استراتيجية وطنية مخصصة للذكاء الاصطناعي في الصحة، بينما تعمل سبع دول أخرى على تطويرها. ورغم هذا التفاوت، فإن أدوات التشخيص بمساعدة الذكاء الاصطناعي تستخدم بالفعل في 32 دولة.
“الخيار لنا”: سلامة المريض أم عدم المساواة؟
الدكتورة ناتاشا أزوباردي-موسكات، مديرة أنظمة الصحة في المنظمة، لخصت الموقف بقولها: “الخيار لنا”. فإما أن يُستخدم الذكاء الاصطناعي لتحسين صحة الناس وتخفيف الأعباء عن العاملين الصحيين المنهكين وخفض تكاليف الرعاية، أو قد يقوض سلامة المرضى، ويمس الخصوصية، ويرسخ عدم المساواة في الرعاية.
الهاجس الأكبر يظل قانونياً ومالياً. تسع من كل عشر دول أشارت إلى أن الغموض القانوني هو العائق الرئيسي أمام تبني الذكاء الاصطناعي، وثماني من كل عشر دول ذكرت القيود المالية كعقبة أساسية.
ولعل الأرقام الأكثر إثارة للقلق هي أن أقل من دولة واحدة من كل عشر دول لديها معايير مسؤولية واضحة للذكاء الاصطناعي في مجال الصحة، والتي تحدد من يدفع الثمن عند وقوع الخطأ.
الدكتور ديفيد نوفيلو أورتيز، المستشار الإقليمي للمنظمة، شدد على أن غياب المعايير القانونية الواضحة قد يجعل الأطباء يترددون في الاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي، وفي المقابل قد لا يجد المرضى سبيلاً واضحاً للانتصاف في حال وقوع أي مشكلة.
المقترحات العاجلة: 3 إجراءات لضبط فوضى التقنية
لمواجهة هذا الخطر المتزايد، تقترح منظمة الصحة العالمية عدداً من الإجراءات الحاسمة لضمان استخدام آمن ومنصف للذكاء الاصطناعي في الصحة. وتشمل هذه المقترحات:
أولاً:
وضع استراتيجيات وطنية واضحة ومخصصة للذكاء الاصطناعي في قطاع الصحة. يجب أن تتضمن هذه الاستراتيجيات رؤية واضحة للتنفيذ والمراقبة والتمويل.
ثانياً:
تحديد معايير المسؤولية القانونية. من الضروري جداً وضع لوائح تحدد بوضوح من هو المسؤول في حال تسبب نظام الذكاء الاصطناعي في ضرر للمريض، لضمان سبل انتصاف واضحة.
ثالثاً:
الاستثمار في “محو الأمية الرقمية” والذكاء الاصطناعي. يجب تدريب العاملين في مجال الصحة والمرضى على فهم كيفية عمل أدوات الذكاء الاصطناعي ومخاطرها وفوائدها لتعزيز الثقة والاستخدام الآمن.
هل يمكن أن يكون اعتمادنا على طبيب الذكاء الاصطناعي أسرع من قدرتنا على حماية أنفسنا منه؟
إقرأ أيضاً : الزنجبيل والليمون: هل هو حقاً “العلاج السحري” لإنفلونزا الشتاء؟
إقرأ أيضاً : اليابان تراهن على المستقبل: 1.6 مليار دولار لسباق الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات!
حساباتنا: فيسبوك تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام