تفكيك الجيش السوري بعد سقوط النظام: تداعيات عسكرية وسياسية تهدد استقرار البلاد
منذ سقوط النظام السوري قبل نحو عام، ما تزال قضية تفكيك الجيش السوري واحدة من أكثر الملفات تعقيدًا وإثارة للجدل. فقد أقدم الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، وبدعم دولي، على حلّ المؤسسة العسكرية السابقة، معتقدًا أن هذا القرار سيُنهي نفوذ السلطة السابقة وجيشها وأجهزتها الأمنية. إلا أن الخطوة ـ حسب مراقبين ـ لم تكن مدروسة، وتجاهلت أن الجيش والأمن مؤسسات وطنية يجب أن تتبع الدولة، مهما كانت تورطاتها في الحقبة السابقة.
انهيار المؤسسة العسكرية وغياب البديل:
اعتمد الشرع، وفق منتقديه، عقلية إقصائية قائمة على الخوف من الانقلاب، فقام بتفكيك الجيش بشكل “مصلحجي” بهدف تأسيس مؤسسة جديدة مطابقة لرؤيته السياسية ومنسجمة مع جماعته. لكن النتيجة كانت غياب جيش وطني منظم، ما خلق فراغًا أمنيًا خطيرًا انعكس على مختلف جوانب الحياة في سوريا.
وبحسب “المرصد السوري المعارض”، ورغم تبرير السلطة الانتقالية بأن حلّ “جيش بشار الأسد” كما تسميه الحكومة الانتقالية، خطوة لإعادة بناء مؤسسة عسكرية وطنية تمثل كل السوريين، إلا أن الواقع أظهر فشلًا في تكوين جيش موحد. فالقوة العسكرية الحالية تتكون ـ حسب تقارير محلية ـ من مجموعات صغيرة أغلبها محسوب على هيئة تحرير الشام، وتفتقر للانضباط والخبرة، إضافة إلى ضعف التسليح الذي يعود إلى عهد النظام السابق.
سوريا بلا جيش فعلي:
يقول الضابط، م س، للمرصد السوري لحقوق الإنسان، إن المؤسسة الدفاعية في سوريا ضعيفة للغاية ولا يوجد جيش نظامي رسمي ولا سلاح متطور، حيث لم يستثمر النظام السابق في هذا الجانب ولا تملك سوريا حتى طائرة هليكوبتر محترمة.
ويضيف: “استولت هيئة تحرير الشام على الحكم وواصلت الخراب الذي بدأه من سبقها، ضربت مؤسسة الجيش وفككتها بحجة البناء الجديد لتوفير بيئة آمنة للاقتصاد والاستثمار وبيئة آمنة للسوريين الذين أتعبتهم الحروب والصراعات والاستهداف الإسرائيلي المتواصل“.
“إسرائيل“ تستغل الفراغ العسكري وتواصل هجماتها:
أدى تفكيك الجيش وغياب القدرة الدفاعية إلى فتح الباب واسعًا أمام الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة التي استهدفت دمشق وريفها والجولان ومناطق الجنوب. وفي ظل غياب ردع عسكري، اضطر أهالي بيت جن في ريف دمشق مؤخّرًا للدفاع عن أنفسهم بعد هجوم إسرائيلي أدى إلى مقتل 13 شخصًا، دون أي تدخل فعّال من السلطة الانتقالية.
غياب المشروع الوطني وحالة التخبط السياسي:
يبدو أن الشرع المستقوي بالأجنبي والمهمش للداخل السوري الذي لم يفكر بعد،- برغم المآسي والاقتتال الطائفي والخطف والعنف الذي سيصير للسلطة أمرًا اعتياديًا-، في الحوار الوطني الجامع الذي يلتقي حوله كل الأطراف والمكونات والقوميات لرسم خارطة طريق تعمل بها الحكومة لإصلاح ما يمكن إصلاحه، بعد أن بلغ الخراب مستوى غير مسبوق وفق تقارير دولية تحدثت عن عنف طائفي لم تشهده سوريا أبدًا.
فرصة ضائعة: دمج قوات سوريا الديمقراطية:
يقول المرصد السوري إن اتفاق دمج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ضمن اتفاق 10 آذار/مارس كان فرصة مهمة لتشكيل نواة جيش وطني محترف ومدرّب. إلا أن مشارفة مهلة الاتفاق على الانتهاء دون تنفيذ فعلي جعل سوريا اليوم تفتقر إلى أي مؤسسة عسكرية قادرة على حماية حدودها والتصدي للاعتداءات المتكررة.
دعوات لحوار وطني شامل ووحدة داخلية:
يؤكد المحامي والسياسي محمود مرعي للمرصد السوري أن مواجهة “إسرائيل“ لا يمكن أن تتحقق إلا عبر الوحدة الوطنية ونبذ الطائفية وتأسيس عقد اجتماعي جديد يقوم على المواطنة المتساوية. ويرى أن الحل يكمن في مؤتمر حوار وطني شامل تشارك فيه كل القوى السياسية والمجتمعية بهدف تشكيل حكومة وحدة وطنية قادرة على إخراج سوريا من أزمتها الحالية.
إقرأ أيضاً: معهد دراسات الحرب الأمريكي: تحديات بناء الجيش السوري الجديد بعد سقوط نظام الأسد
إقرأ أيضاً: معهد ألما الإسرائيلي: الجيش السوري الجديد يشكّل خطرًا إقليميًا متصاعدًا