“إسرائيل” تلوّح بإمداد سوريا بالمياه بعد احتلالها أهم موارد الجنوب
أثار تصريح لافت صادر عن المدير العام لشركة “ميكوروت” الإسرائيلية للمياه، أميت لانغ، جدلاً واسعاً بعدما ألمح إلى إمكانية أن تصبح إسرائيل أحد مورّدي المياه لسوريا مستقبلاً، في وقت يحتل جيش الاحتلال الاسرائيلي أبرز الموارد المائية في الجنوب السوري عقب توسع نفوذها منذ سقوط نظام بشار الأسد.
تصريح لافت من “ميكوروت”: شبكة جيوسياسية جديدة؟
خلال مشاركته في مؤتمر الأعمال الإسرائيلي لعام 2025، قال لانغ إن “من المفيد مراقبة ما يحدث مع سوريا”، مضيفاً أن لدى إسرائيل “إمكانية أن تكون مورداً للمياه في المنطقة”، وفق ما نقلته صحف عبرية.
وأضاف أن شركته “لم تحدد السياسات بعد”، لكنه أكد استمرار تزويد الأردن بالمياه بموجب الاتفاقات السابقة، مع احتمال توسيع هذا التعاون.
التصريحات اعتُبرت إشارة مباشرة إلى توجه جديد في استراتيجية إسرائيل المائية، خصوصاً في ظل تحكمها المتزايد بموارد حيوية داخل الأراضي السورية.
سيطرة إسرائيلية على ماء الجنوب السوري
تعتمد “إسرائيل” في خطابها الرسمي على موقعها كمركز إقليمي متقدم في تقنيات المياه، إلا أن واقع السيطرة الميدانية يشكّل جزءاً أساسياً من الصورة. فإسرائيل تتحكم منذ عام 1967 في معظم الموارد المائية لهضبة الجولان المحتلة، بما يشمل:
-
بحيرة طبرية
-
نهر الأردن
-
عشرات الينابيع والمخزون الجوفي
وتشير تقديرات دولية إلى أن “إسرائيل” تهيمن على نحو 40% من الموارد المائية في جنوبي سوريا، وعلى حصة واسعة من الموارد المشتركة مع الأردن، ما يرفع نسبة نفوذها المائي في المنطقة إلى نحو 80%.
مرحلة ما بعد الأسد: تمدد عسكري ومائي
مع تفكك بنية الدولة السورية بعد سقوط النظام، كثّفت “إسرائيل” عملياتها العسكرية داخل الأراضي الجنوبية، وتمكنت من السيطرة على سد المنطرة، أحد أكبر موارد المياه في محافظتي القنيطرة ودرعا.
السد، الذي تحول إلى موقع عسكري مغلق، بات ممنوعاً على المزارعين الاقتراب منه، فيما توجه مياهه اليوم لخدمة الأراضي المحتلة، وفق شهادات محلية ودراسات بحثية.
هذا الاستحواذ انعكس مباشرة على سكان الجنوب السوري الذين يعانون من نقص حاد في مياه الشرب والري، مع استمرار تراجع قدرات البنية التحتية السورية على توفير بدائل.
سدود استراتيجية أخرى بيد الاحتلال
ووفق المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، يسيطر “الجيش الإسرائيلي” على عدد من السدود الحيوية داخل محافظة القنيطرة، أبرزها:
-
سد المنطرة: سعة 40.2 مليون م³ – داخل المنطقة العازلة
-
سد الرويحنية: سعة نحو 1 مليون م³ – شرق المنطقة العازلة
-
سد بريقة: سعة 1.1 مليون م³ – بمحاذاة المنطقة العازلة
-
سد كودنا: سعة 31 مليون م³ – شرق المنطقة العازلة
ويحذّر المركز من أن هذه السيطرة لا تهدد فقط المجتمعات ضمن المنطقة العازلة، بل تمسّ الأمن المائي والغذائي لجميع سكان محافظة القنيطرة.
انعكاسات أوسع على الجنوب السوري
تُظهر المؤشرات أن الجنوب السوري يتجه نحو أزمة مائية مركّبة، تتداخل فيها عوامل الاحتلال الإسرائيلي، وتراجع البنية التحتية، والجفاف، والتحولات المناخية. وفي ظل هذا الواقع، تبدو تصريحات “ميكوروت” حول إمكانية تزويد سوريا بالمياه جزءاً من استراتيجية إقليمية أوسع، قد تسعى “إسرائيل” من خلالها لتحويل تحكمها المائي إلى نفوذ سياسي مباشر.
اقرأ أيضاً:الجنوب السوري: تحول الماء إلى أداة نفوذ