نيويورك تايمز: احتجاجات واسعة للعلويين بعد هجمات طائفية
شهدت عدة محافظات سورية ذات غالبية علوية احتجاجات واسعة أمس الثلاثاء، في تطور لافت وصفته صحيفة نيويورك تايمز بأنه من أكبر التحركات الشعبية داخل الطائفة منذ سقوط نظام بشار الأسد. وجاءت هذه المظاهرات عقب سلسلة اعتداءات طائفية استهدفت أحياء علوية في حمص نهاية الأسبوع الماضي، إثر مقتل زوجين من البدو وما أعقبه من هجمات انتقامية.
هجمات حمص تشعل الشارع
التقرير يوضح أن الاضطرابات بدأت عندما أقدم مسلحون من البدو على مهاجمة عدة مناطق علوية في حمص، بعد حادثة قتل الزوجين البدويين. وشملت الهجمات إحراق منازل وممتلكات، ما أثار حالة غضب وخوف داخل المجتمع العلوي، ودفع الآلاف إلى النزول للشارع تعبيراً عن رفضهم لـ”الاستهداف الطائفي”.
وتشير الصحيفة إلى أن حمص—ثالث أكبر مدن سوريا—عادت إلى مشهد التوتر الطائفي الذي طبع سنوات الحرب السابقة، مع توسع أعمال العنف المتبادل بين مجموعات بدوية وأحياء علوية.
تصاعد الاحتجاجات في الساحل
وفق نيويورك تايمز، امتدت الاحتجاجات سريعاً إلى اللاذقية وطرطوس، ووصلت إلى مناطق في حماة وحمص، حيث خرج آلاف المتظاهرين مطالبين بالحماية ووقف الهجمات. وفي اللاذقية تحديداً، نقلت الصحيفة عن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قوات الأمن استخدمت الذخيرة الحية لتفريق المحتجين، كما فُرضت إغلاقات محكمة على الأحياء العلوية.
أما وكالة سانا الرسمية، فأكدت انتشاراً أمنياً واسعاً “لضمان الاستقرار”، دون الإشارة إلى وقوع مواجهات مباشرة أو إصابات.
شعور متزايد بالعزلة والتهديد
تسلّط الصحيفة الضوء على شعور العلويين بأنهم مستهدفون في ظل تبدل موقعهم السياسي بعد وصول القوى الإسلامية السنية إلى السلطة في دمشق العام الماضي، وهو ما أوجد توتراً إضافياً مع البدو الذين يوصفون بأنهم داعمون للحكومة الجديدة.
وتقول الصحيفة إن العلويين—الذين يشكلون نحو 10% من سكان سوريا—فقدوا الامتيازات الواسعة التي تمتعوا بها خلال حكم عائلة الأسد، فيما تتكرر الهجمات الانتقامية ضدهم في مناطق مشتركة مع مجموعات بدوية أو فصائل مسلحة.
دعوات صريحة لتقرير مصير الطائفة
التقرير يكشف أن الشيخ غزال غزال، أحد أبرز الشخصيات العلوية في الساحل، دعا عبر تسجيل مصوّر إلى احتجاجات تطالب بـ”تقرير المصير السياسي للطائفة” ووقف ما وصفه بـ”التطهير العرقي”. دعوة اعتبرتها الصحيفة مؤشراً على مدى تصاعد الشعور بالخطر لدى أبناء الطائفة.
كما أشارت الصحيفة إلى موجة جديدة من أعمال القتل الطائفي مطلع العام الجاري، خلّفت ما لا يقل عن 1400 قتيل—معظمهم من العلويين—بحسب مسؤولين سوريين، وهو ما عمّق مخاوف الأقليات الدينية والعرقية في البلاد.
حكومة انتقالية أمام اختبار صعب
وتختم نيويورك تايمز بأن الحكومة السورية الانتقالية، رغم مرور أكثر من عام ونصف على سيطرتها على دمشق، ما تزال عاجزة عن فرض الأمن الكامل أو احتواء التوترات الطائفية. كما لا تزال بعض الأقليات تدير مناطقها بشكل مستقل وترفض التخلي عن سلطتها المحلية، وسط توقعات بأن تتوسع دائرة العنف إذا استمرت الهجمات المتبادلة وخرجت احتجاجات جديدة.
بهذه التطورات، تبدو سوريا أمام فصل جديد من التحديات الأمنية والاجتماعية المعقدة، حيث تعود الانقسامات الطائفية للواجهة في ظل غياب حلول شاملة تمنع انهيار السلم الأهلي مجدداً.
اقرأ أيضاً:سلاف فواخرجي تتصدر التريند: اتهامات بـ التحريض الطائفي بعد تعليقها على أحداث حمص