تحرك تشريعي جديد في الكونغرس الأميركي: “آلية العودة التلقائية للعقوبات” تعقّد مسار تخفيف الضغط عن سوريا

برز خلال الأسابيع الأخيرة تحرك تشريعي داخل الكونغرس الأميركي يقوده رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب براين ماست، يهدف إلى تعديل آليات التعامل مع قانون “قيصر” والعقوبات المفروضة على سوريا.

ورغم أن هذا التحرك يوحي بمرونة محتملة تجاه تخفيف العقوبات، إلا أن جوهره يقوم على إنشاء آلية رقابية صارمة قد تجعل أي رفع للعقوبات خطوة مشروطة ومعقدة للحكومة السورية الانتقالية.

آلية “العودة التلقائية” للعقوبات.. النموذج الأميركي الجديد تجاه دمشق:

وفق خبراء في إدارة الأزمات الدولية، بينهم إسحاق أندكيان، يعمل المشرعون الأميركيون على صياغة مسودة قانون تعتمد على آلية العودة التلقائية للعقوباتوهي الآلية ذاتها التي استُخدمت ضمن الاتفاق النووي الإيراني (2015).

وتتيح هذه الآلية إعادة فرض العقوبات فورًا عند أي إخلال بالالتزامات، دون الحاجة لتصويت جديد أو مفاوضات سياسية مطوّلة في الكونغرس.

ويرى أندكيان أن هذه الآلية تأتي استجابة لضغط داخل المجلسين، بهدف منع الإدارة الأميركية من تقديم تنازلات واسعة خلال المرحلة الانتقالية السورية، وضمان بقاء العقوبات تحت رقابة تشريعية مباشرة، وفق ما نقلت عنه وكالة “نورث برس”.

دعم مشروط من الكونغرس وتوجه لإطار قانوني دائم:

تشير تحليلات مراكز بحث مثل معهد واشنطن إلى أن الكونغرس يسعى لجعل أي انفتاح اقتصادي على سوريا مشروطًا بتحقيق تقدم واضح في الحوكمة، مكافحة الفساد، احترام حقوق الإنسان، وشفافية الإدارة المالية.

كما تهدف التعديلات المقترحة إلى منع سيناريوهات رفع العقوبات “المتعجل” التي حدثت سابقًا مع دول مثل السودان وميانمار.

ويتوقع أن تتضمن الآلية الجديدة معايير دقيقة مرتبطة بالأمن الداخلي، مكافحة الإرهاب، وحماية الأقليات الدينية والطائفية داخل سوريا.

تقييم دوري وتشديد رقابي مستمر:

بحسب أندكيان، سيُطلب من الإدارة الأميركية تقديم تقارير دورية للكونغرس لقياس مدى التزام الحكومة السورية بهذه الشروط، في نموذج مشابه للرقابة المفروضة على المساعدات الأمنية لمصر وباكستان.

الهدف من هذه المقاربة هو تحويل أي إعادة فرض للعقوبات إلى إجراء فني تلقائي مبني على مؤشرات واضحة، بعيدًا عن الخلافات السياسية التقليدية داخل الكونغرس، وضمان الشفافية للمستثمرين والشركاء الدوليين المتخوفين من المخاطر في السوق السورية.

العقوبات تتحول إلى أداة لإعادة تشكيل الأمن الإقليمي:

ويؤكد الخبير أن ملف العقوبات تجاوز طابعه الاقتصادي، وأصبح جزءًا من ترتيبات الأمن الإقليمي.

فالولايات المتحدة تدرس، وفق تقارير مجلس الأطلسي، منح سوريا دورًا محوريًا في إعادة تشكيل التوازنات الأمنية في المشرق، خصوصًا في ما يتعلق باحتواء نفوذ حزب الله في مناطق بعلبكالهرمل والحدود السوريةاللبنانية.

كما يعكس انضمام سوريا إلى “التحالف الدولي” ضد الإرهاب بوابة محتملة لإعادة صياغة دورها الأمني، وسط حديث في واشنطن عن إمكانية توسيع مهام التحالف لتشمل مواجهة نفوذ الحزب.

استحقاقات سياسية وأمنية معقدة تنتظر دمشق:

هذه التحولات قد تضع الحكومة السورية الانتقالية أمام التزامات سياسية وأمنية غير مسبوقة، بينما يزداد تأثير النقاشات داخل الكونغرس المتعلقة بمستقبل العقوبات وارتباطها المباشر بإعادة رسم خرائط النفوذ في الشرق الأوسط.

ويخلص أندكيان إلى أن رفع العقوبات عن سوريا لن يكون خطوة نهائية أو مفتوحة، بل عملية مرحلية شديدة الحساسية تحكمها شروط دولية دقيقة، ومرتبطة بإعادة تعريف دور سوريا في التوازنات الإقليمية.

إقرأ أيضاً: ماست يضع شرطاً أساسياً للموافقة على إلغاء عقوبات «قيصر»

إقرأ أيضاً: قانون قيصر.. فرصة مؤقتة لإنعاش الاقتصاد السوري أم بداية تحول حقيقي؟

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.